الأحد، 12 يونيو 2022

زيارة بعد غياب بقلم سمير عبدالعزيز

 زيارة بعد غياب

قصة قصيرة

سمير عبد العزيز

وقفت أمام شقتها مباشرة وطرقت بابها عدة طرقات خفيفة ومتتالية مضت برهة من الوقت ولم تفتح الباب كررت الطرق وكان صوته على الباب واضحا..ولم أتلق ردا ايضا ..ضغطت على زر جرس الباب وأصدر صوتا أنتظرت أن تفتح الباب ولكن دون جدوى ..تساءلت فى عقلى : ربما تكون خرجت لتبتاع شيئا ؟أو تزاور أحدى جاراتها ؟ عندما هممت بالرحيل توقفت فجأة على صوت صادر من الداخل يقول فى وهن شديد : يا من تطرق الباب...الباب مفتوحا ..أدفعه ..فأنا غير قادرة على الحركة ..دفعت الباب ودلفت بداخل الشقة..كانت الأضاءة خافتة ..رأيتها راقدة على أرضية الصالة على جانبها الأيمن وتحتها مرتبة قديمة ومتدثرة ببطانية متهالكة ..كانت الصالة خالية من قطع الأثاث تقريبا .. ..على الوسادة وضعت هاتفها المحمول وبجوارها زجاجة مياه وهرتين...كانت قد شرعت فى تربية الهررة بعد أن أعتراها اليأس من عدم الأنجاب فوجدت فى تربيتها لها من يؤنس وحدتها ولاسيما بعد أن طلقها زوجها منذ ثلاثة عقود وتركها تتجرع الآم الوحدة وشظف العيش.

بدت شاحبة وهزيلة..تبددت ملامحها وبدت عجوزا مسنة غزت التجاعيد وجهها.. ما أن رأتنى حتى انخرطت فى البكاء وقالت وهى تبكى :أخيرا تذكرتنى ...فأنا لم أرك منذ أن رحلت أمك من عشر سنوات الا مرة أو مرتين وكنت دائما فى عجلة من أمرك..هانت عليك العشرة والجيرة ؟ هالنى منظرها وتغرغرت عينى وقلت لها والكلام تحشرج فى حلقى : منذ متى وأنت على هذه الحالة ...قالت وهى تبكى : منذ فترة ليست بالقصيرة ..قدماى متورمتان وأشعر وكأن موقدا فى باطنيهما لاينطفئ أبدا وأستطردت وهى لازالت تبكى: كل ما أرجوه أن أعود كسابق عهدى وأنهض من رقدتى وأستطيع أن أتحرك .

على كرسى كان موجودا فى الصالة مسحت ما علق به من أتربة وجلست عليه وقلت لها : هل ذهب بك أحد من الجيران الى المشفى أو الى الطبيب؟ هل عرفت شقيقتك التى تقيم بالأسكندرية عن حالتك ؟ أجابتنى وهى تمسح بيدها دموعها : جارتى أم فاطمة فهى لاتتركنى وتقوم على رعايتى ...فأنت تعرفها التى تقيم بالطابق الثالث.. أخذتنى الى المشفى وهناك فحصونى وأجروا لى التحاليل وأعطونى العلاج ومن وقتها وأنا أتناوله دون فائدة... وسيدة- تقصد شقيقتها- رحلت منذ عامين أو أكثر.

تنهدت ونهضت من على الكرسى وأطرقت رأسى فى حزن ...تذكرت شقيقتها عندما كانت تزاورها وتذكرت جاراتها عندما كن يجتمعن كل ليلة فى شقتها يتسامرن ...أننى أتذكر تلك اللحظات فهى لاتزال منقوشة فى ذاكرتى ومخيلتى ... ودعتها والدموع تنهمر من عينى وغادرت المكان وأنا لا أكاد أرى أمامى .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

يامن اتانى على الخاص طالب النجده بقلم توفيق المجعشي

يامن اتانى على الخاص طالب النجده فاليش تهرب وتسكت كن مانتَ جيت من مايــوم جيت للان صار لك مُــــده طلبت مني قصيده وانا لك سويت ماتدري انَ سك...