الجمعة، 17 يونيو 2022

سافر حبيبي بقلم أنور مغنية

 سافر 


بقلمي أنور مغنية 


سافر حبيبي 

سافر وستعرف غيرنا 

وسترى وجوهاً أخرى للحياة 

يوما ما ستعرف كم كذبنا 

حين قلنا أننا استثناء 


وستتذكرُ بأننا لسنا خير شعوب الأرض

ولا أعرقهم ولا أطهرهم كما كنا ندَّعي 

وستكتشف أن بلادنا ليست خضراء 

أو مباركة كما تعلَّمنا  بل حمراء 


من دمائنا المسفوكة ظلماً

ستكتشفُ كم فشلنا بأن نتعلَّمَ

كيف نحيا معاً كبشر

لنصبح عبئاً ثقيلاً على أنفسنا وعلى الإنسانية .

ستكتشفُ أننا لسنا خير أمةٍ أُخرِجَت للناس 

وستجدُ أنك وسط مجتمعٍ 

يسبحُ في النفاق والخداع والكذب 

مليء بالتناقضات والخرافات والأساطير 


سترى أننا لا نملك الحقيقة المطلقةَ

لأسرار الكون والدنيا والآخرة كما نظن

ولسنا الوحيدون الذين نستحق 

الجنة إن كنا نستحقها اصلاً.

ستتأكد أن لا وقت ولا رغبة للغرب 

ولا حاجة به لأن يتآمر علينا 

أو على ديننا كما نتوهم 

لأننا نحن من نتآمر على بعضنا .

وندمر أوطاننا بأيدينا حيث 

ما زلنا نعيش في القرون الوسطى 

خارج الزمان .

ستتأكد أننا لسنا في معركة مصيرية 

مع شياطين الكفر والماسونية 

بل لا نحارب إلا طواحين الهواء مع دونكيشوت.

أو لا نحاربُ إلا أنفسنا في أحسن الأحوال .


سترى أننا أسأنا لديننا أكثر من أعدائه المفترضين .

وستكتشف أن لا أحد من رجال الدين

يملك تفويضاً أو مرسوم تعيين 

أو توكيلاً عاماً من عند الله.

ستتبادل الأفكار بلا حدود مع رجل غريب 

في المطعم أو المقهى أو على مقعد في حديقة.

وتتبادل البسمات مع امرأة حسناء في الشارع.

دون أن ينظر أحد إلى لونك أو عرقك أو دينك .

غير أنك إنسانٌ فقط .

ستشعر بإنسانيتك لأول مرَّة 

كما لم تشعر بها من قبل طيلة عمرك

ستتعلم احترام الغير لتنال احترامه

وستخجل لأشياء كثيرة 

كنت تقترفها كبديهيات في وطنك 

كرمي عقب سيجارة أو عبور الشارع

من غير المكان المخصص. 


سوف تشتاق في كلِّ لحظةٍ للوطن والأصدقاء.

ستفتقد جلساتهم وضحكاتهم ورائحة خبزهم.

وستشتاق لبنت الجيران وصباح الخير 

والكثير من التفاصيل.

لكنك ستخاف أن تعود يوماً

وإن عدتَ فلن تكون أكثر من زائرٍ عابرٍ

أو ميتٍ في تابوت لا محالة.

حيث سيصبحُ القبر في وطنك 

كل غاياتك وأقصى أمانيك .


أنور مغنية 17 06 2022



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

هل يكفيك العتاب يا فرنسا بقلم البشير سلطاني

هل يكفيك العتاب يا فرنسا ؟ هنا يقف المجد ثائرا على كل شبر من أرضنا التي زارها الغيث يوما من دم الشهيد ارتوت وازهرت ياسمين يفوح رائحته في ك...