جاني العنب
العيد يعرفه أهل القرية ولا أحد يجلس إليه قدم من قرية مجاورة أبوه إنتقل بعد قرار إتخذه شيوخ العشائر نتيجة حادث لا يعرفه الكثير ممن جاورهم كنت الوحيد الذي يجلس ليستمع بقوة اللغة التي يتحدث بها وحواره معي حول الفلاسفة والمفكرين الغربيين ذات مرة باع محصوله من العنب وبعد عملية الوزن لم يكن مع المشتري المبلغ الكافي للمحصول كان رد الزبون
في المرة القادمة أكمل لك الباقي
نظرت إليه وعرفت الإجابة دون أن يتكلم
بهندامه المتسخ قلت في نفسي سينتقل العيد إلى بلدته البعيدة معه
لم ينتظر قليلا قال العيد : كيف أتحمل كل هذه المدة وهل يطيب لي النوم؟
هيا لننطلق وركبنا الشاحنة وبعد ساعات وصلنا إلى تلك المدينة
لسوء حضنا وجدنا جنازة عند جار المشتري إندهش وكاد يقلب تلك الشاحنة
نزل بسرعة وعرف ان الحاج لحسن جاره توفي كان الوقت يقارب صلاة العشاء ونحن ننزل سمعنا شيخا يحدث الناس يلقي عليهم درسا دينيا
بدأ العيد يتمتم غاضبا قلت له ما يغضبك سي العيد؟
قال هذا الصعلوك يقدم رقصات غجرية وليس درسا دينيا
إندهشت وقلت مادخلنا نحن ضيوف فقط
رد علي كيف نترك خلفنا (خشة)
اي فراغ إن الطبيعة تخشى من الفراغ أيها الفيلسوف
ماذا كنت تعلمني عن فلاسفة الغرب قائلا لي
سكن الصمت روحي ولم أجبه لأنه سريع الغضب
تقدم وجلس عند مدخل الخيمة التي أقيمت للجنازة
ولم يتمالك حتى خاطب ذلك الشيخ
كف عن هذا الهراء
بذلك الهندام الذي شرب من العنب وبطول الطريق تشم رائحة الخمر كأن سي العيد انهى جلسة ندامى مع أبي نواس
إلتفت الجمع إليه
وهو خريج الزيتونة أعرف علمه وتمكنه من القراءة والحفظ والتفسير والشعر والأدب العربي وقواعد اللغة وألفية ابن مالك إن سي العيد بحر مغدق
قائلا : القرآن محكم ومتشابه
آيات محكمات فصل الشارع فيها
وأخرى متشابهات ترك النقل مساحة للعقل للنظر فيها
وهي تظم المستجدات
خرج الجميع من الخيمة وإلتحق بسي العيد وراح يفسر القرآن والجميع إنبهر بغزارة العلم ولم ينتبه أحد منهم الى هندامه ورائخته إلا أنا أبتسم مرة وأدير وجهي من كثرة الضخك والأخرون يرددون ماشاء الله سئم بعضهم من يملك قاعدة فكرية من الدروس المستنسخة والمطبوعة
ومر وقت الصلاة ولم ينتبهوا
ولما إشتد الليل قلت له
الحاج غدا نعود الى الديار قال أحدهم أتركه لنا لنتعلم
قلت له هل يصلح العطار ما أفسده الدهر
قام سي العيد ونظر الي
فقلت له الحمد لله نحن في وادي شلف يمكنك أن تغسل عطورك فيه
إبتسم وهو نادرا ما يضحك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق