هاجت بيَ الأشواق للماضي
حيث الجميع بحظه راضِ
والكل بالأخلاق متسم
والبغض محكوم بإجهاض
وبساطة الإنسان ظاهرة
ليست شعاراً في الهوا فاضي
لا يعتدون على أحبتهم
لا يرفعون الأمر للقاضي
هاجت بيَ الذكرى لمدرستي
ولمن بها قد روضوا ذاتي
ممن تفانى في رسالته
حتى بنى رسمي ومرآتي
ونظرت في طلابنا أسِفاً
فرأيتهم أقسى البدايات
يتسارعون لقتل عالمهم
بتفاهة تعلو التفاهاتِ
نخشى ممازحة لطالبة
مثل الزجاج شعورها عجب
من حبة تبني لها قبباً
ومبالغات بعضها كذب
كم صوروا الأستاذ متهماً
وهو الضحية جرمها الأدبُ
من يشتري عمري ومكتبتي
إني سئمت وهدّني الوصب
ويقال: في التعليم مأثرة
أين المآثرُ والورى قَتَلة؟
كم ذاقَ بالتجهيل عالِمُنا
من مُدَّعي علمٍ و هم جَهَلة !
طلابُنا يا سادتي أملٌ
لكن أضاعَ مع الغبا أملَه
وحبالُهُ مقطوعةٌ عجباً
ويظنها بالله متصلة
ورحلتُ توَّاقاً إلى كتبي
لِأُريحَ نفسي من تفاهاتِ
لم يرحموا وقتي فعاجلني
بزيارتي أهلُ الثقافاتِ
فتمزَّقت روحي برؤيتهم
وشعرت أني بين أمواتِ
أما الكتابُ فكان ينطرني
يدعو عليهم والردى آتِ
تاهت ببحر اللوم مركبتي
لما منحتُ الناسَ مجدافي
وأتيتُهم بالحب منتعلاً
شوقي فعدتُ بدونه حافي
الناسُ مثل النار في زمني
موتى القلوب وطبعهم جافي
كم أظهروا ودّاً وماصدقوا
ياليتهم نطقوا بإنصافِ
هاجت بيَ الذكرى إلى بشر
كانوا بدون تصنُّعٍ بشرا
لم يملكوا مالاً ولا تلداً
لكنهم عاشوا كما الأُمَرا
حفظوا لعالمهم مكانتَهُ
ما حمَّلوه بجهلهم وزرا
بذلوا المحبةَ في تعاملهم
رغم الخصاصة أبدعوا الأثرا
سأظلُّ رغم تدهدهي جبلاً
في مبدئي أسمو على ألمي
أعطي لكل عليلةٍ عسلاً
حتى ولو بالمرِّ تاه فمي
لا أحملُ الأضغانَ في خلَدي
والحقد لا يأتي مع الكرمِ
رباه إن الجهلَ مزّقنا
فمتى يعود البان للعلم؟
بقلمي
د. جميل أحمد شريقي
( تيسير البسيطة )
سورية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق