الخميس، 11 أغسطس 2022

المظفر والدرس ألأخير بقلم علي حداد

المظفر ..والدرس ألأخير
قصة قصيرة علي حداد                                                            

الكلمة                                          
تنطفىء الكثير من ألاضواء                 
حين يرحل أصدقاء العمر                 
..فكيف بهذا الرحيل اليومي              
                                                 الاهداء
                                          الى صديق عمري .. 
                                       وصديق اعمارهم ..احمد
                                         .. المظفر في كل شيء

لم يكن بدينا بالمعنى الدارج .. متوسط القامة .. وايضا ليس بالمعنى الدارج .. لان وجوده كان.. يملاء المكان .. مجرد حضوره في اي مكان وبصوته الجميل .. يشيع فيه البهجة والحبور والمرح .. لم اكن اعرفه .. لكني حين كنت اراه من على شاشات التلفاز .. كان يسعدني .. بحواره الذكي .. ووجوده الرائع .. كان فعلا يبعث على الحياة .. كان يطل علينا .. بابتسامته الرائعة .. احمد المظفر لا بديل عنه .. ابدا .. انا كنت اردد بيني وبين نفسي ان لا منازع له .. وفي مشواري مع الاخرين كنت اسمع عنه من هنا .. وهناك .. ذات مرة اخبرني صديقي انه حين توفي جواد علي الطاهر رأى احمد يبكي في حدائق اتحاد الادباء بكاءا عجيبا .. فخاف عليه .. واقبل نحوه .. مسرعا .. كان يشهق ويبكي .. مثل طفل فقد لعبته العزيزة ..ربت على كتفه .. لم يكن يعرف علام هذا البكاء المر .. وهذا الحزن الغريب .. سأله محمد درويش 
- ماذا بك ..؟
فرد عليه بمرارة..
- يجب ان ابكيه .. حتى ينتهي الامر ..انتهى الموضوع .. فجرت حزني .. سألني قبلك محمود عبد الوهاب ..سأغتسل واعود اليكم. انتهيت منه .. بكيته ..ثم .. تعرفت عليه بوجهه الاحمر .. اقتربت منه .. من ابتسامته وحديثه .. واناقته .. وسؤاله عن الغائبين وهكذا صرنا يحدث احدنا الاخر عن مواجعه واحزانه .. مروه .. رامي .. و..و..ثم تنهد وقال .. لقد كبرنا حداد ..احس ان هذا الجسد مثل (( مطي ) ) هذا التعب هدنا وهذا التفكير صار يؤرقنا ..ضحكت حينها .. ضحكت بقوة ..وانا اقول
- ابو مروة .. الشيخوخة احساس .. مجرد احساس صدقني .. ولم ارك شيخا ابدا .. انت المظفر في كل شيء
 فرح بذلك مبتهجا ومنتعشا وتمرغ بفرحه دخن من سيجارته .. كانت طريقته في التدخين جميله وهو يقول ..
- لكن حين يموت صديق لك تشعر انك في الطابور .. تقف في الطابور .. انا لا اخشى الموت .. لكني اخشى مفارقتهم .. هذا يا حداد .. يعذبني ..ويشقيني .. 
كان ينظر الى الحياة بعينيه البريئتين .. لم يكن مطمئنا وواثقا من غدر الزمن .. والسنين .. وكنت اراه وقد كبر الف عام حين توفي سيف الدين الجراح .. ومحمد درويش .. ومحمود عبد الوهاب ..تلك هي عوالمه التي راحت تنهار امام عينيه فكان يبدو ملتاعا .. وهو يسير في حدائق الاتحاد لوحده .. كنت اعرف انه يجب ان يبكيهم حتى يفرغ من حزنه وذكرياته معهم ..وصوره معهم ..وحواره معهم انهم لا ينفكون عنه ..ملتصقين به .. مثل اشباح ابتلى بهم .. بقصصهم .. بنكاتهم .. بضحكاتهم .. بتفردهم .. وعزلتهم .. كانوا مثل منطاد يأخذونه الى السماء بلا تردد .. يحلقون به ..عاليا ..وبكاؤه عليهم.. هو السبيل الوحيد لعودته الى الارض ..كأنما دموعه تفجر ذلك البالون ..ليعود الى مروة ..والى عائلته ..وأصدقائه وعوالمه ..رأيته ذات مرة حزينا وهو يقول
- ثمة خطب لااعرف ماهو ..الفحص الطبي أثبت أن لاشيء هناك لكني غير مطمئنا لصحتي..دوخة واضطراب في مشيتي أخاف من إهمالهم لي ماذا فعلوا لشاكر المياحي وقد اعلنوا انه سيتعالج على حسابهم ..كذب حداد ..كذب ..لااحد يهتم بنا صدقني 
وفي 22 من مايو سمعت انه قد غادر اليابسة بعد ان تنقل بين مستشفى الشيخ زايد والراهبات ومدينة الطب وقد واجهته الكثير من العقبات وهو يحتضر !
عقبات لايقبل عنها الشيخ زايد ولا اية راهبة ..ولا اية قرية طبية 
..وانا اسمع الخبر لم تنزل من عيني قطرة واحدة من دمع بقيت هكذا ليومين مثل مصعوق ..مثل تمثال من حجر صلد لكني حين رايت صورته على موقع الفيس بوك هربت الى المطبخ وكان نهرا من الدموع يتفجر من ذلك الحجر الصلد ..فاجأتني زوجتي مذهولة
- ماذا بك ؟
بالكاد اجبتها 
- يجب ان أبكيه حتى ينتهي الموضوع ..لكي أفجر بالون وجعي ..وأعود الى الارض ..واليك
1/ 6/ الخ / الخ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

كل هذا عاشه محفوظ في رحلة بقلم رضا الحسيني

. محفوظ بهلول البربري .. .. { ابن عزيزة وعزُّوز } رواية / رضا الحسيني ( 33 )                     كل هذا عاشه محفوظ في...