السبت، 20 أغسطس 2022

فواتح السور القرآنية بقلم عبد الحميد ديوان

فواتح السورالقرآنية
لقد نظرنا إلى القرءان منذ وجدنا على ظهر البسيطة ولا نزال على أنه معجزة الهية تحدت في أياتها بلاغة قريش والعرب في الجاهلية .. ولا يغيب عن ذهننا مدى ما كان يتمتع به العرب تلك الفترة من فصاحة الكلم وبلاغة النظم , ونحن نعلم جيداً أنهم وصلوا في هذه الفترة إلى أعلى مراتب التقدم اللغوي , لقد تحداهم الله عز وجل في انفس ما يملكون .. ولم يستطع العرب تجاه بلاغة القرآن واعجازه شيئاً والواقع أن القرآن يضم بين جنباته اعجازا لم ولن نستطيع أن نصل إليه مهما حاولنا ذلك , وهو يحوي أكثر من سرا غلق على الكفار , ولقد احتاج كبار أئمة المسلمين إلى عمق كبير لتأويل هذه الأسرار , فمنهم من قصد إلى ذلك قصد أصاب فيه بعض النجاح والبعض الآخر لم يحالفهم الحظ في هذا السبيل . 
على أننا في بحثنا هذا الفواتح السور القرآنية التي عدت سرا مغلقاً من أسرار القرآن الكريم حار كفرة قريش في امرها ولا يزال أصحاب التفاسير يختلفون حتى الآن في التفسير الصحيح لها . 
ولقد اختلفت آراء المفسرين وتشعبت في طرق عديدة , وعلى كل حال فإننا نستطيع أن نجعلها في اتجاهين رئيسيين اتجاه اخذ به العرب وآخر اخذ به بعض المستشرقين حديثاً . 
الاتجاه الأول : 
وهو الاتجاه العربي , ويتضمن آراء عديده كلها تؤيد وجود سر في هذه الفواتح إلا أن الآراء تختلف في تفسير هذا السر , ونحاول ان نورد بعضاً من هذه الآراء العديدة , وسنبدأ بالرأي الاضعف ثم نتدرج حتى نصل إلى رأي نعتبره قوي في نظرنا . 
الرأي الأول :
ويقول : أن هذه الفواتح انما وردت عناوين سور وتسمية لها . . وهو كما نرى رأي غير سليم لأننا نجد أن هناك عدة سور تبتدئ كلها بـ ( حم ) فهل نسمي هذه السور جميعها ( حم ) ؟ ... هذا غير مستقيم لا شك . 
الرأي الثاني :
ويزعم قائله أن هذه الفواتح وردت على هذه الشاكلة لتدل على بداية الخلق ونهايته . فمثلاً ( الم ) الالف للبداية وهي تشتمل على مبدأ الخلق وغايته واللام للمتوسط بين البداية من الشرائح والا وأمر والميم انما تدل على نهاية الخلق . 
الرأي الثالث :
ويشير إلى أن هذه الحروف تشير إلى آيات أخرى في القرآن الكريم , ويتضمن هذه الآيات مثلاً " المص " تشير إلى آية أخرى وتتضمن معناها وهي " الم نشرح لك صدرك " 
 الرأي الرابع : 
ويقول في ثنايا تفسيره لهذه الفواتح القرآنية للسور . . أن هذه الحروف إشارة إلى محمد وأصحابه فالميم إشارة إلى محمد والصاد للصديق والميم للمغيره بن شعبه . . الخ 
الرأي الخامس : 
جنح قائلو هذا الرأي إل ذكر أن هذه الفواتح المؤلفة من حروف هي مأخوذة من أسماء الله الحسنى فالألف مثلاً من الله واللام من لطيف والصاد من صادق ونجد أن هذا الرأي ينتقل به بعض المفسرين إلى معنى آخر وهو أن هذه الحروف هي إشارة إلى بعض صفات الله تعالى التي يتصف بها كثيراً " مثلاً " الم " تعني أنا الله أعلم و " الر " تعني أنا الله أرى . 
ولقد اشرت قبل أن أورد هذه الآراء إلى أنها أراء ضعيفة اسقطها من حساب قناعتي بها فهي لم تتعمق في فهم هذه الفواتح كما سنجد ذلك عند غيرها بعد حين . 
وقد أطلق بعض المفسرون آراء نجدها تحمل طابع البحث الدقيق , ونلمس في هذه التفسيرات الجهد المضني الذي بذله أصحاب هذه التفاسير لأداء واجبهم على خير وجه . 
وسنعرض لهذه الآراء الثلاثة كل حسب قوته . . من الأضعف إلى الأقوى . 
الرأي الأول :
اعتبر أصحاب هذا الرآي الفواتح القرآنية للسور علماً مستور وسراً محجوب استأثر الله به . وقال الشعبي في ذلك " أنها من المتشابه نؤمن بظاهرها , ونكل العلم فيها إلى الله عز وجل وإذا أعلمنا أن هناك علمين أولهما المحكم والآخر علم المتشابه لتبين لنا أن أصحاب هذا الرأي منكرون أن تكون هذه الفواتح من علم المحكم . 
الرأي الثاني :
وقال به الامام السيد رشيد رضا يقول : أن هذه الفواتح لم تأت الا لمجرد تنبيه الكفار في مكة وأهل الكتاب في المدينة , وبذلك يستطيع القرآن أن يشد انتباههم فإذا اصغوا هاجمهم القرآن , فكان ذلك سبباً لاستماعهم " وطريقاً لانتفاعهم " وقد اشار الزركشي في برهانه إلى ذلك إشارة عابره . وأيد هذا الرأي الدكتور صبحي الصالح في كتابه " مباحث في علوم القرآن " واعتبر الرأي السليم الذي نستطيع أن نركن إليه . 
الرأي الثالث :
وقال به الزمخشري في كشافة ثم تابعه الزركشي في برهانه وانتقل إلى السيوطي فلخص برهان الزركشي واستمد من رأيه في تفسير الفواتح يقول الزمخشري أن هذه الفواتح لم تأتي هكذا مبدؤه بحرف أو حرفين أو ثلاثة أحرف أو أربعة أو خمسة الا ليثبت أن هذا القرآن من جنس هذه الحروف وليتحداهم بعد ذلك في صناعتهم المؤلفة من نفس هذه الحروف ونستأنس بقول الزمخشري حين يثبت أن هذا القرآن مؤلف من جنس هذه الحروف , ويقول : واذا تأملت الحروف التي أفتتح الله بها السور وجدتها نصف أسامي حروف المعجم , أربعة عشر , وهي تحوي أجناس الحروف – المهموسة والشديدة , والمطبقة والمستطيلة والمنخفضة وحروف القلقلة .
وأيد صاحب الظلال في العصر الحديث هذا الرأي في كتابه في ظلال القرآن .يقول في ذلك ,:والشأن في هذا الإعجاز
هو الشأن في خلق الله جميعاً.وهو مثل صنع الله في كل شيء إن هذه التربة مؤلفة من ذرات معلومة الصفات فإذا أخذ الناس هذه الذرات فقصارى ما يصوغونه منها لبنة أو هيكلأ أو جهازأ كائنأ في دقته ما يكون.ولكنً الله المبدع يجعل من تلك الذرات حياة نابضة خافقة تنطوي على ذلك السر الإلهي المعجز (سر الحياة)ذلك السر الذي يستطيعه بشر وهكذا القرآن حروف وكلمات يصوغ منها البشر كلامأ وأوزانأ ويجعل منها الله قرآنأ والفرق بين صنع الله وصنع البشرهو الفرق مابين الجسر الخامد والروح النابض،هو الفرق مابين صورة الحياة وحقيقة الحياة
الإتجاه الثاني
وقد تبناه بعض المستشرقين أمثال نولدكه وأضرابه.
وهو اتجاه يرفض أن يكون هناك إعجاز لهذه الفواتح ويعتبرها دخيلة على القرآن.
يقول المستشرق الألماني (إن أوائل السور دخيلة على القرآن وهي ليست إلا حروفأ مأخوذة من أسماء بعض الصحابة الذين كانت عندهم نسخ من السور القرآنية،فالسين مثلا من سعد بن أبي وقاص والميم من المغيرة والنون من عثمان....الخ.
ولكن هذه النظرية سرعان ما سقطت لسطحيتها وهزالة فكرتها،فتراجعوا عنها.
وفي النهاية فإنني أقدم رأيي المتواضع آملا أن يرى عندكم قبولا وماهو الا رأي استنتجناه من مجموع آراء علمائنا الأجلاء
يقول السيد رشيد رضا إن هذه الفواتح هي أداة تنبيه للكفار وأهل الكتاب كما يقول الزمخشري في كشافه،وأيده في قوله الزركشي والسيوطي قديمأ بأن هذه الفواتح ماهي إلا برهان قاطع على أن هذا القران من جنس هذه الحروف.
ورأيي أن الجمع بين هذين الرأيين هو الأفضل والاقرب للمعقول.
وفي النهاية فإن فواتح السور ماهي إلا صورة من صور الإعجاز الإلهي الذي لايمكن لأحد أن يدرك حدوده وآفاقه

د عبد الحميد ديوان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

حبيت ملاك بقلم حربي علي

أغنية ( حبيت ملاك ) حبيت ملاك في عنيا بعمر أيامي الجايه بعد مالفيت الدنيا أبصبص لعيون تانية جات عيونه في ثانية خطفت كل...