.. خير اللهم اجعله خيرا .. بعد أن أويت إلى الفراش .. و تقلبت ذات اليمن وذات الشمال .. و الليل باسط ذراعيه ، تغالبه
ذبالة مصباح ، راحت نسائم الصيف تراقصها
و بعد أن استدعيت النعاس ، بعدِّ الخراف
التي تقفز عن الحاجز ، و هذه حيلة قديمة
للدخول في سلطان النوم .. و الخلاص من
سيل الأفكار التي تهاجمني عند النوم ..
و كأنها تستغل انبطاحي على الفراش ..
.. و رويدا رويدا .. أصبحت الخراف بالعدد الذي تنؤ عنه زريبة الاغنام .. و بعد أن شعرت بثقل جسمي .. على صرير السرير
رحت أغط في نوم عميق ..
وجدت نفسي في مشهد رهيب .. رهيب ..
وجدتني مطارداً .. أركض و أنفاسي تكاد
تتقطع .. و رجلاي تضربان مؤخر راسي و
أنا ارتجف .. و ألتفت خلفي فأرى .. يا
للهول مئات من الناس .. لا بل كل أهل القرية يطاردونني .. و كل واحد فيهم
يريد أن ينال شرف البطولة و الإمساك بي
و كأني .. حاشاكم .. واحد من حمر مستنفرة .. فرّت من قسورة ..
و كان الجميع يهتفون :
هاتوه .. امسكوه .. حلّق .. حلّق ..
جيبوه ..
و سمعت فصيحاً منهم يقول .. هلمّوا و ألقوا
القبض عليه .. !
و أنا أركض .. صاعداً و هابطاً الوديان و التلال .. و هم في مشهد مريع .. لا ييأسون
من الإمساك بي .. و هتافهم يتعالى .. و هم
يلوحون بعصيّ مرفوعة .. حسبتها أعلاما
و بعضهم يحمل معاول و سلاحاً أبيض ..
و كأنهم بلسان حالهم يقولون : آجر .. آجر ..
كي يؤجروا بالإمساك بي .. و الصراخ و الهتاف يتعالى .. شعرت من شدة الخوف بعرق يبللني .. أظنه العرق .. !!
فجاءتني فكرة لماذا لا أقف و استسلم
لهؤلاء .. أو لهذا الخميس العرمرم ..
فأفهم ماذا يريدون .. هذا من ناحية ..
و من ناحية أخرى أمنحهم شرف الإمساك
بي .. فينالوا الأجر و الثواب .. و أنا أنال
لقب الشهادة .. إن أحسنوا ذبحي .. و سمّوا عليّ ..
و فعلاً توقفت .. على سفح تلة .. .فتوقف
الجيش الذي يطاردني…
و تأملت وجوههم ، فلاحت لي وجوه صفراء
فاقع لونها .. منهم من لابسي الأقنعة .. و منهم من عازفي الطبول .. و منهم من
أصحاب الشعر الموزون .. و المكسور ..
و منهم من السماسرة .. و ثلّة من المنافقين
و الملمّعين .. المصفقين ..
و في جانب رأيت مجموعة من حَمَلَة
الفواتير… استغلوا المناسبة و انظموا
للمطاردين. ..
حملة فواتير : الكهرباء و الماء والهاتف
و الضرائب .. المسقفات .. والدخل
و مطالبات العلاج .. و رسوم الطوابع
.. و رسوم الزواج و الفرح .. و أجور
الدفن ..
كل ذلك .. و كل هؤلاء يفتحون عليّ النار
نار عيونهم .. و دفاتر مخالفاتهم ..
بعد أن استجمعت شجاعتي ، و استعدت
أنفاسي ، قلت لهم. ;
أثابكم الله .. و هنيئاً لكم امساكي .. و ربما
أغنيكم عن أضحية .. و قد اقترب العيد !!
فأنا المواطن سرّ بلائكم .. و منغّص عيشكم…
… و فجأة .. سمعت صوتاً ، لا أنكره ،
أم البنين : صح النوم .. الشمس طلعت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق