الثلاثاء، 27 أغسطس 2024

قراءة تحليلية للدكتور محمد أبو قرون لقصيدة الأستاذ جمال مصطفى بعنوان فناء الرجال

 قراءة تحليلية من قبل الدكتور الناقد (( د . محمد أبو قرون )) لقصيدتي [[ فناء الرجال ]] كل الشكر و التقدير و الإمتنان للأستاذ الأديب الراقي و الناقد المميز(( د . محمد أبو قرون )) على هذه القراءة النقدية المميزة  .


الشاعر الدكتور جمال مصطفى، في قصيدتك "فناء الرجال"، تجسد بمهارة فنية تصويرًا متناقضًا للمرأة، حيث تجمع بين أضداد تتصارع في النفس البشرية. هذه الثنائية بين الحب والكراهية، النقاء والشر، تجعل من المرأة كيانًا مركبًا، يتجاوز التبسيط المألوف ليغوص في أعماق الطبيعة الإنسانية. 


القصيدة تطرح تساؤلات فلسفية حول مفهوم المثالية والواقع، حيث تكشف عن التناقض بين الصورة المثالية التي قد تُرسم للمرأة في أذهاننا وبين حقيقتها كبشر معقد يمتلك مشاعر ودوافع متضاربة. هنا، نرى استخدامًا بارعًا للألفاظ الحادة والمتناقضة، مما يبرز الصراع الداخلي في صوت الشاعر نفسه بين التقديس والتدنيس، بين الحب والغضب.


نقديًا، اللغة في النص قوية ومشحونة بالعاطفة، تعبر عن حالة من الإحباط والخيبة، لكنها أيضًا تحمل في طياتها إعجابًا ضمنيًا بقوة المرأة وقدرتها على التأثير العميق في حياة الرجل. هناك نوع من المراوحة بين الإدانة والإعجاب، بين الانسحاب والاستسلام لقوة هذه الشخصية الغامضة.


ومع ذلك، يمكن القول إن النص يعكس وجهة نظر متشائمة إلى حد ما، تضع المرأة في موضع المسؤولية عن الألم والمعاناة، مما يفتح بابًا لنقاش فلسفي حول دور الفرد في صنع مصيره، والحدود بين الاختيار والقدر. هل المرأة في النص تجسيد للقدر المحتوم الذي لا مفر منه، أم أنها رمز للقوة التي يمكن أن تكون هدامة وخلاقة في الوقت نفسه؟


بهذه الصورة، تظل القصيدة دعوة للتأمل في العلاقات الإنسانية، حيث لا يمكن للإنسان أن يجد الخلاص في الآخر، بل ربما في مواجهة صراعاته الداخلية والاعتراف بتعقيد الطبيعة البشرية. النص يستفز الفكر ويحث على الغوص في أعماق النفس لفهم كيف تتشكل علاقاتنا وتتحطم، وكيف يمكننا أن نجد البقاء وسط هذا الفناء.


د. محمد آدم أبوقرون 

الكاتب والناقد


فناءُ الرجال


من قالَ ياسيدتي 

إنكِ شمسٌ

      إنكِ قمرٌ

        إنكِ نجمٌ مبهرٌ 

لا يا سيدتي 

خلقتِ من لحمٍ لا من حجرٍ

إنكِ لستِ إلا بشرٍ 

إن جارَ زمانكِ سيدتي 

من غيري تحدى الخطرُ

ثمَ تكافئيني بالحقدِ و الشررُ

حقداً لا يغادرهُ قهرٍ و لا غدرُ

من قالَ ياسيدتي ...

إنكِ ملاكٌ أنتِ زرعٌ كلهُ أشواكٌ 

وصالكِ سيدتي دمارٌ 

و بعدكِ خطرٌ و هلاكٌ

من قالَ ياسيدي ...

من قالَ إنكِ جنحٌ مكسورٌ

من قالَ إنكِ سحرٌ مسحورٌ

أنتِ كليلٍ مظلمٍ 

و نوركِ غيرُ مشكورُ 

أبرزُ سماتكِ مغترةٌ

غروراً وكلكِ غرورُ 

لا ياسيدتي 

 لستِ طيبةُ القلبُ

ما من مصيبةٍ إلا وأنتِ السببُ 

ما من دمارٍ إلا و لكِ فيهِ عجبُ

ما من منتحرٍ إلا شكى منكِ تعبُ

ما من مظلمةٍ إلا و لك فيها غضبُ

من قالَ ياسيدتي ...

ياسيدتي تتلونين كالحرباءِ 

تلسعينَ كافعةٍ ويسألكِ الملسوعَ بالشفاءِ 

تأخذينَ ولا تعطينَ وتتباهينَ بالعطاءِ 

إن عشقتِ تعشقينَ بسخاءِ

و من يعشقكِ يبتلى بالشقاءِ

ياسيدتي ...

أنتِ شيطانةٌ تدعي النقاءِ 

تتخطينَ البشرَ لتنعمينَ بالبقاءِ 

تفتحينَ ذراعيكِ بلطفٍ

و تتظاهرينَ بأنكِ العنقاءِ 

أنتِ سمٌّ زعافٌ لكنكِ الترياقِ 

أنتِ داءٌ عضالٌ لكنكِ شفاءٌ و دوائي 

هذهِ أنتِ سيدتي 

     لنا الفناءُ ولكِ البقاءِ .....

الشاعر الدكتور جمال مصطفى


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

أعلم حاجتك بقلم عبدالعزيز دغيش

أعلم حاجتك .. أشعر بأناتك أتحسس طيلة وقتي أوتارك على شدة عزف تضرب أوتار القلب وأعشاره أراقص ظلك وخيالك أُرْجِعُها كل ليلٍ حين تداعبُ خيالي و...