الاثنين، 21 أكتوبر 2024

(4)»لا راحة في الدنيا«(4)» بقلم علوي القاضي

«(4)»لا راحة في الدنيا«(4)»
تأملات وخواطر : د/علوي القاضي.
... في الفصل السابق ناقشنا رأي الفلاسفة في مسألة (الراحة في الدنيا) وذلك من خلال كتاب (الراحة) للفيلسوف الكاتب (مات هيج) ، ومن خلال قراءاتي والبحث عن ٱراء رجال الدين وأئمة الفكر الإسلامي في هذه المسألة قرأت كتاب (إحياء علوم الدين) للإمام أبي حامد الغزالي
... في حياتي مارأيت كتابا أشمل وأعمق في مخاطبة الفطرة والنفس الإنسانية بطموحاتها وٱمالها ووضع منهجا يتفق وأهواءها ينظم حياتها ضمانا لتحقيق الراحة في الدنيا والٱخرة مثل كتاب (إحياء علوم الدين) ، فهو من الكتب الجامعة الشاملة لعدة مجالات دنيوية وأخروية ، فهو يجمع بين الأخلاق والتربية والسلوك ، وأيضا التصوف والعقيدة ، وكذلك الفقه فهو منهج شامل كامل ، بالإضافة إلى أنه من الكتب التي تشتهر بالنفع والبركة بين العلماء والمشايخ وأهل البركة ، حيث يشتمل على الحقيقة والطريقة ، والظاهر والباطن ، والعبادة والشريعة ، ويكشف عن الغوامض ، وقد قام الإمام الغزالي رحمة الله عليه برتيبه على (مقدمة ، ومقصد ، وخاتمة) ، حيث يقصد ب (المقدمة) في عنوان الكتاب ، و (المقصد) في فضائله ، و (الخاتمة) في ترجمة المصنف رضي الله عنه 
... وتفسيره لطريقة الترتيب المتبعة في كتاب (إحياء علوم الدين) كالآتي ، حيث يذكر الإمام الغزالي أنه يعلم جيدا الطرق التي يتقرب بها العبد إلى ربه لتحقيق (الراحة) المنشودة ، حيث تنقسم إلى قسمان :
... قسم (ظاهري) ، وقسم (باطني) 
... فالقسم (الظاهري) ينقسم إلى (معاملة العبد مع ربه) ، وعلى الجانب الآخر (معاملة العبد مع الخلق) 
... والقسم (الباطني) يرتكز على قسمين أيضا ، (الصفات المذمومة) والتي يحب تزكية القلب عنها ، و (الصفات المحمودة) التي يجب تحلية القلب بها
... وفي مقدمة الكتاب يقول : ( الحمد لله الذي نزه قلوب أولياءه عن الإلتفات إلى زخرف الدنيا ونضرتها ، وصفى أسرارهم من ملاحظة غير حضرته ، ثم إستخلصها للعكوف على بساط عزته ، ثم تجلى لهم بأسماءه وصفاته ، حتى أشرقت بأنوار معرفته ، ثم كشف لهم عن سبحات وجهه ، حتى إحترقت بنار محبته ، ثم إحتجب عنها بكنه جلاله حتى تاهت فى بيداء كبرياءه وعظمته ، فكلما إهتزت لملاحظة كنه الجلال غشيها من الدهش ماغيرت وجه الحق للعقل وبصيرته ، وكلما همت بالإنصراف ٱيسة نوديت من سرادقات الجمال صبرا أيها الٱيس عن نيل الحق بجهله وعجلته ، فبقيت بين الرد والقبول والصدور والوصول ، غرقى فى بحر معرفته ومحترقة بنار محبته والصلاة والسلام على محمد خاتم الأنبياء بكمال نبوته وعلى آله وأصحابه سادة الخلق وأئمته وقادة الحق ولزمته وسلم تسليما كثيرا
... ويقول أيضا في المقدمة ، وكتاب شرح عجائب القلب : (الحمد لله الذي تتحيز دون إدراك جلاله القلوب والخواطر ، وتدهش في مبادئ إشراق أنواره الأحداث والنواظر ، المطلع على خفيات السرائر ، العالم بمكنونات الضمائر ، المستغني في تدبير مملكته عن المشاور والموازر ، مقلب القلوب وغفار الذنوب ، وستار العيوب ، ومفرج الكروب ، والصلاة على سيد المرسلين ، وجامع شمل الدين ، وقاطع دابر الملحدين وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وسلم تسليما كثيرًا) ، حقيقة مقدمة تشرح الصدور ، وتريح القلوب وتبعث الطمأنينة والسكينة للأرواح والنفوس  
... هذا الكتاب (إحياء علوم الدين) ، من الكتب الجامعة الشاملة لعدة مجالات فهو يجمع بين (الأخلاق والتربية والتصوف والعقيدة والفقه) 
... ويُقال أن هذه الفيوضات الربانية من المؤلفات القيّمة كانت تُرصّع في الماضي بماء الذهب لعله يليق بما تحويه من دُرر 
... ويتناول هذا الكتاب علم الطريق للآخرة ، ومادرج عليه السلف الصالح من فقه وحكمة وعلم وضياء ونور وهداية ورشد 
... ويشتمل الكتاب على أربعة أجزاء ويبتدئ ب :
... جزء (العلم) ، فيكشف عن العلم الذي تعبد الله الأعيان بطلبه على لسان رسوله صل الله عليه وسلم وهو الفاتحة للعبادات ، الذي يشتمل على قواعد وأسرار الطهارة وأسرار الصلاة والزكاة والصيام والحج وآداب تلاوة القرآن الكريم والأذكار والدعوات وترتيب الأوراد في الأوقات 
... و (جزء العبادات) ويشتمل على (آداب الأكل والنكاح ، وأحكام الكسب والحلال والحرام والصحبة والمعاشرة مع الخلق ، والعزلة ، وآداب السفر والسماع والوجد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وآداب المعيشة وأخلاق النبوة) 
... (جزء المهلكات) والتي تدعوا للقلق وإضطراب النفس والروح وانتفاء السكينة والطمأنينة ، ويتضمن شرح عجائب القلب ورياضة النفس وآفات شهوتي البطن والفرج ، وآفات اللسان والغضب والحقد والحسد وذم الدنيا وذم المال والبخل ، وذم الجاه والرياء والكبر والعجب والغرور 
... و (جزء المنجيات) وفيه كل أسباب الراحة في الدنيا والٱخرة مثل (التوبة والصبر والشكر والخوف والرجاء والفقر والزهد والتوحيد والتوكل ، والمحبة والشوق والأنس والرضا ، والنية والصدق والإخلاص والمراقبة والمحاسبة والتفكر وذكر الموت) 
... ويذكر في كل جزء الكثير من الخفايا والآداب والأسرار ما لايستغني عنه مسلم يطلب (الراحة) في الدنيا والٱخرة بالكشف عن مناهج الأئمة المتقدمين ويوضح العلوم النافعة عند النبيين والسلف الصالحين
... وإلى لقاء في الجزء الخامس والأخير إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة
... تحياتي ...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

تأملات بقلم عبدالرحمن المساوى

تأملات مايضير شعب مكلوم الفؤاد شريدُ سبعون عاماً معذبٌ مأسور مجروح الوريدُ حياته شهيدٌ   مماته وليدُ صبغته مكافح مقاوم (مقاتلٌ عنيدً) تغييبي...