مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الثلاثاء، 22 أكتوبر 2024

التاجان بقلم محمد جعيجع

 التّاجانِ :  

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  

واللهِ ما طلعت شمسٌ وما غربت ... إلّا ذكرتُ أبي أمّي بلا باسِ 

ولا وقفتُ لفَرضٍ أو لنافِلَةٍ ... إلّا دعاءَ الرّضى من ربِّ إلياسِ 

ولا نظرتُ بمرآةٍ أو صفحةِ ما ... إلّا بصرتُ خيالاتٍ لإيناسي 

ولا وردتُ زلالَ الماءِ من ظماءٍ ... إلّا لمحتُ خيالًا داخلَ الكاسِ 

ولا بصَحوي وفي نومي ذكرتُهُما ... إلّا دعاءً وذكرًا مثلَ نِبراسِ 

ولا خطوتُ بدَربٍ سالِكًا طرقًا ... إلّا وذكرُهُما في الخَطوِ وَنّاسي 

ولا بحِلّي وتِرحالي ذكرتُهُما ... إلّا دعاءً وإحسانًا بإحساسِ 

ولا تحدّثتُ في ناسٍ أجالسُهُم ... إلّا ذكرتُ أبي أمّي لجُلّاسي 

ولا كتبتُ نصوصًا من مُنى أدبي ... إلّا وأُعطِيهِما حِبري وقِرطاسي 

ولا ذكرتُهُما في حُزنِ في فرحي ... إلّا وذكرُهُما في مهجتي راسِ 

ولو قدِرتُ على مَوتى لحِقتُهُما ... حَبوًا على الوجهِ أو مشيًا على الراسِ 

فَوالِدَايَ هما تاجي زُمُرُّدَةٌ ... بجَنبِها ياقوتٌ زانَ ألماسي 

هما حَياتي هما عِزّي ومَملَكَتي ... هما شَهيقي زفيري، خيرُ أنفاسي 

.  .  .  .  .  .  .  .  .  . 

هو الذي قد ربّاني وفي صِغري ... أعيذُهُ شرَّ خَنّاسٍ ووَسواسِ 

يَعرى و يَكسوني من سُندُسٍ وحريـ ... رٍ كَي أباهي أقراني من النّاسِ 

للخَيرِ وَجَّهَني في الشَّرِّ أبعدَني ... في الكُلِّ يَنصَحُني والنُّصحُ مِقياسي 

إن ساءَهُ خُلُقٌ مِنّي قَوَّمَهُ ... وقد يُؤَدِّبُني فيهِ بأخماسِ 

فالنُّصحَ عَلَّمَني والوَعظَ أرشَدَني ... والفِعلُ لي قُدوَةٌ والأصلُ عَسّاسي 

بالقَولِ والفِعلِ ربّاني وأخلَقَني ... و دونَ ضَربٍ و تَجريحٍ و إمساسِ 

فالطِّفلُ مِثلُ بَياضِ القُطنِ في صِغَرٍ ... غَضِّ البِناءِ نَقِيِّ اللَّونِ مِحساسِ 

.  .  .  .  .  .  .  .  .  . 

هيَ التي قد ربَّتني وفي صِغري ... أعيذُها شرَّ وَسواسٍ وخَنّاسِ 

في بطنِها حَمَلَتني تِسعَةً وحليـ ... بَ صَدرِها أرضعَتني دونَ أضراسِ 

إذا مرضتُ تبيتُ اللَّيلَ ساهِرَةً ... قُربي وأجفانُها من غَيرِ إبلاسِ 

تُحصي نجومَ اللَّيالي في السماءِ وتَد ... عو اللهَ لي بشِفائي دونَ إفلاسِ 

وثَغرُها باسِمٌ في الوَجهِ من فَرَحي ... والحُزنُ في الوَجهِ من حُزني وإعباسي 

والدِّفءُ من حُضنِها يُمسي ويُصبِحُ حا ... ضِرًا يُدَفِّيني بالسَّكبِ في طاسي 

والخَوفُ يَملأُ عَينَيها بقَدرِ غِيا ... بي عن مضارِبِها من فَرطِ أوجاسِ 

.  .  .  .  .  .  .  .  .  . 

ومَوتُ أمّي أبي لا مَوتُ يَعدِلُهُ ... حَتّى و إن مُلِئَت بالمَوتِ أرماسي 

لا مَوتَ للمرءِ في الدّنيا يُكابِدُهُ ... غَيرَ الذي فقدَ التّاجَينِ في النّاسِ 

ما قِيمَةُ الدّنيا من غَيرِ وَجدِهِما ... وقد تساوَت أحزاني وأعراسي 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

مُجاراة لقصيدة الشاعر العبّاسي: الحسين بن منصور الحلّاج 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  

محمد جعيجع من الجزائر ـ 25 أوت 2024م


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق