خطاب السلطان
أيها السادة ....
من أعجبه شِعري
أدخلته جنَّتي
وأبعدته عن ناري .
ومن لم يعجبهُ شعري
وغادرَ جنَّتي فهذا قرارهُ
وليس قراري .
كلُّ ما يعنيني هو راحة نفسي
وحسن مقامي واعتباري .
تعالوا نقفُ أمام الصحراء ونتصارح
أمامَ البحر ، أمام الريح
أمامَ الحيوانات الضواري .
إنَّ كلَّ الشعوب لها قضية
إلاَّ نحن ليست لنا قضية
كلُّ الشعوب لها تاريخها
ونحن الشعوب المنسيَّة
نحن أمَّةٌ رضينا بحكم الحاكم
رضينا بأحلامه وأخلاقه السُفليَّة
أن تثورا، وإن طالبتم بحقوقكم
فهذا خلافُ القانون وأعمالٌ ثورية.
أما أن تصمتوا وتتوسلوا وتزحفوا
فهذا منتهى الوطنية.
لن تنالوا شيئاً طالما نسيتم
أنَّ لكم قضية .
مهما تطاولت أعناقكم
ستبقون منبوذين بين أفراد البشرية.
نحن مجتمعات متفرقة
متصحرة، متخلفة
نحن مجتمعات قبلية .
لا فضل لأحدنا على الآخر
إلاَّ بمستوى الأنانية .
لذا سأُعلن لكم دستوركم
ومبادءكم وقوانينكم
وأخرجكم من الوثنية.
لن تبقوا مهزومين بعد اليوم
ساخرجكم من عصر الجاهلية .
فنحن نمتلك الثروات
نحن أغنياء ولنا مباديءٌ
أما الغربُ دولٌ مارقةٌ
دولٌ تكنولوجية.
ونحن غزونا الغرب
بفلسفتنا الديماغوجية .
وباسم الدين ولأجل الدين
صرفنا أموالنا لنحطِّمَ
أصنام العِلم والتقدم الهمجية.
الغرب يا سادة متطورٌ ومتقدمٌ
دنيءٌ لا يعرفُ القيمَ الإنسانية .
تعالوا نقف أمام آبارنا النفطية
ما لنا وللعلم والتكنولوجيا
ما لنا بمجتمعٍ سافرٍ كافرٍ
لا يقيمُ شأناً للمباديء الأوليَّة .
الغربُ خنازيرٌ لا رحمة لديهم
آلاتٌ وريبوتاتٌ وسفنٌ فضائية
نحن أفضل بكثير
نحن الهبةُ الربَّانية.
ألغربُ يا سادة
لا يفهم لغة العبير ،
كلٌ اختراعاته مكتوبةٌ
باللغة الفرنسية والإنجليزية و العبرية .
ماذا يعني طائراتٌ وصواريخٌ
وغواصاتٌ أو قنابل نووية؟
نحن تفوقنا عليهم
أستولينا على سيقان نساءهم
وامتلكنا السفنَ السياحيَّة
وفي عقر دارهم
احتلينا فنادقهم وسبينا نهود جميلاتهم
وسيطرنا على كلِّ النوادي الليلية .
ربحنا سباق الخيل في دربي
امتلكنا ديزني
واشترينا أغلى يخوتهم البحرية.
الغربُ يا سادة لا تاريخ لهُ
منحطٌ وسافلٌ
لا يعرف الحضارة الفرعونية
ولا حضارة بابل
أو فكَّ رموز اللغة السومرية .
للغرب يا سادة قوانينه التافهة
فماذا يعني ضمان الشيخوخة
ماذا يعني التعليم المجَّاني
ماذا تعني الضمانات الصحيَّة
ما معنى الإهتمام بالفرد
وتشجيع قدراته الذاتية ؟
هم جبناء يخافون كافرون
لا يقيمون وزنا للعناية الإلهية.
والآن هل اقتنعتم أن الغرب
لا حول له ولا قوة
أمام الأسئلة الأزلية .
في الغرب يا سادة لا نجدُ
متسولين ومحتاجين وهذا خطأ
فكيف للصِّ وللغني
أن يتصدَّقَ عليك من مالك ؟
ليكفِّرَ عن سيئاته
وكيف للسلطان
أن يجمع الحسنات في ميزانه
إذا لم يصلب صاحب كلّ قضيَّة ؟
د. أنور مغنية 2024 10 18
ملاحظة : اللوحة من رسوماتي بالحبر الجاف .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق