مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الخميس، 12 ديسمبر 2024

رأيْتُ النّور بقلم محمد الدبلي الفاطمي

رأيْتُ النّور

أنا الصُّعلوكُ في فَنّ الأدبْ
كَعُروةَ في القديمِ لدى الـعـربْ
أخذتُ من الفرزدقِ خيْرَ نظمٍ
به الأوزانُُ خالطَــــها الطّربْ
وفي شِعرِ الحُطيئةَ جالَ فكري
وفاحَ الــــمَجْدُ فاتّضحَ النّسبْ
أخذْتُ النّظمَ عَنْهمْ مُسْتـــعيناً
بعلمِ النّــحْو في فِــــقهِ الأدبْ
وعلّمني المُـــهلهلُ ذاتَ يومٍ
بمدرسةِ القديمِ منَ الحـــقـبْ

رجعتُ إلى البليغِ مِنَ البيان
على ظهْر السّباحةِ في الزّمانِ
ركبتُ بحورَ شِعْرٍ ظلّ فنّاً
على رأسِ الفـصاحةِ في اللّسانِ
وفيه وجدتُ ذهْني مُسْتعدّاً
لِعَصْرِ النّـــظمِ منْ عِنَبِ البــيانِ
عَشِقْتُهُ عِشْقَ قَيْسٍ حُبّ ليلى
فأكْسَبني الرّفيعَ منَ المـــعاني
أُزَغْرِدُ بِابْتكارِهِ مثلَ طــيْرٍ
وأبْحَثُ في الزّمانِ عنِ المــكانِ

ألا عُودوا إلى لُغَةِ الهلالِ
لِنُـبْدِعَ في النّـهارِ وفي اللّيالي
ألا عودوا فحَرْفُ الضّادِ يرْجو
إجابَتَــكُمْ على هذا السّــؤالِ
فإنْ أنتمْ رجعْتمْ واجْتــهَدْتُمْ
سنَصْعدُ بالعقولِ إلى المـعالي
وإنْ أنتمْ عجَزْتمْ وانتـــظَرتُمْ
سَيصْبحُ ما نريدُ منَ المُــحالِ
فما نيلُ المطالبِ مُسْتــحيلٌ
إذا شِئْنا الصّـــعودَ إلى الأعالي

رأيتُ النّورَ في وجْهِ القمرْ
وفي الكنْزِ القديمِ منَ العِبـرْ
رأيتهُ في القصائِدِ مثلَ نورٍ
تَفيضُ بهِ السّحائِبُ كالمطَرْ
يُقاوِمُ كيْ يَعودَ إلى شُعوبٍ
بها الجُهّالُ قدْ فقدوا البــصرْ
وحرْفُ الضّادِ لنْ يبْقى أسيراً
بألسِنةِ العقــــيمِ منَ البـشرْ
سَيَكْسِرُ بالبَسـالةِ كلّ قيْدٍ
يُحاول أنْ يُنازِعَهُ الظّــــــفرْ

لسانُ الضّادِ أكْسبني اليراعا
وحَمّـــلني الأمانةَ والدّفاعا
صَحِبتُهُ في خَيالي مثلَ ظلّي
فأصبحَ في مُرافقتي شُعاعا
أغرّدُ كالهزارِ بهِ ابتــــهاجاً
وقد سَكنَ المشاعرَ والطّباعا
وفي خلدي أصونهُ باحْترافٍ
وأطْمحُ أنْ أزيدَ بهِ ارْتفاعا
ولستُ بتاركٍ هذا التّـحدّي
إلى أنْ تخــلعَ اللّغةُ القِناعا

مدارسُنا عليها أنْ تَـــــثورا
على نهجٍ يُعلّمُنا القُـــــشورا
عليها أنْ تغيّرَ ما اسْتطاعتْ
لأنّ الغِشَّ قدْ نَفَخَ الصُّدورا
وكيفَ نعلّمُ الأطفالَ عِــــلماً
بلا عملٍ يُتيحُ لنا العُبــورا
نـــلومُ حُروفنا لوماً شديداً
وفي لغةِ البيانِ نرى القُصورا
ونحنُ بطبْعِنا أعْجازُ نخلٍ
كأنَّ جُسومَنا أمْـــستْ قُبورا

سأصْرخُ في الصّباحِ وفي المساءِ
وألتمسُ الإغاثةَ بالدّواءِ
نريدُ تعلّماً يمْـــــحُو التّدنّي
بترقيةِ الوسائلِ في الـــــبناءِ
نريدُهُ مَــصدرَ الإلهامِ فقْهاً
وعلماً في الطّــــبيعةِ كالشّتاءِ
يُلقّنُ للــــصّغارِ بنورِ فَهمٍ
يَحفّ به التّودّدُ في العــطاءِ
فتُصْبحُ أسرةُ التّعليمِ أقْوى
على حملِ الرّسالةِ في الأداءِ

فقدْنا مَــنطقَ التّدريسِ فعلا
وهذا في مدارسِنا تجـــــلّى
نهدّدُ بالهراوةِ كلّ طــــــفلٍ
تأخّرَ في الجوابِ وقالَ كلاّ
ونعتبرُ الصّـــغارَ لنا عبيداً
فنأمُرُهُمْ بما نحْـــــتاجُ جهْلا
وننْسى أنّهمْ باللّطفِ أوْلى
لأنّ نُموَّهُمْ ما كانَ ســــــهْلا
وما لمْ نُصْلحِ التّعليمَ طَوْعاً
سَنندمُ حيـــــــنما ننهارُ فعْلا

تَعمّدتُ السّهولةَ في خِطابي
لأطرحَ ما اقترحْتهُ في كتابي
أطوّعُ أحرُفني بالنّحْو فقْهاً
فأبدِعُ في السّلاسةِ باكْتــسابي
وأُرْغِمُها على التّيسيرِ حتّى
تُــــــبلّغَ ما أريدُ إلى الرّقابِ
فتَحْمِلُني بأجنِحةٍ كطـــــيرٍ
يُحلّقُ في الفضاءِ مع السّحابِ
ومنْ لمْ يُتْقِنِ التّعبيرَ نُطقاً
تعثّرَ في الوصولِ إلى الصّوابِ

محمد الدبلي الفاطمي




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق