تضيقُ بنا الدُّنيا، وتضيقُ الدُّروبُ، ويَرتدُّ أبناؤكِ عنكِ، يأبونَ استخدامَ مُصطلحاتكِ، ويَعتبرونكِ لستِ رمزًا للتقدّمِ والتطوّر. وأنتِ... أنتِ تتأوّهينَ وجعًا، لكنّكِ تتحمّلينَ بصبرٍ وحبٍّ وعطاءٍ لا يتوقّف.
تضافرت الجهودُ عليكِ لِتضعفي، وتتلاشي، وتضيعي في غياهبِ الأيّام، ولكنّكِ صامدةٌ رغمَ عواصفِ الزمنِ الذي جعلَ البعضَ يبتعدُ عن استخدامِ مًفرداتكِ تحتَ مُسمّى التمدُّنِ والتطوُّر. عساهم يُدركونَ يومًا ما أنّكِ أشرفُ لغاتِ الأرض، ومنكِ يستمدّونَ فخرَهم وعزَّهم وصمودَهم. فإنَّ صمودَ اللغةِ تأكيدٌ على صمودِ شعبِها وعِزّتِه.
أيتها اللغةُ العربية، أنتِ تاجُ الحضارةِ ومرآةُ التاريخ، بكِ سجّلَ الأجدادُ أمجادَهم، وبحروفكِ خُطّت أسمى آياتِ القرآنِ الكريم، فجعلتِ القلوبَ تهتدي، والعقولَ تتنوّر.
فلْيعد أبناؤكِ إلى أحضانكِ، وليدركوا أنّكِ لغةُ الفكرِ والإبداع، ولغةُ القلبِ والوجدان. كما قال حافظ إبراِهيم، شاعرُ النيل، وهو يناجيكِ:
> أنا البحرُ في أحشائِهِ الدُّرُّ كامنٌ
فهل سألوا الغوّاصَ عن صَدفاتي؟
يا لغتنا الجميلة، ستبقينَ أبدَ الدهرِ صامدةً، رغمَ كلِّ التحديات، رمزًا للحضارةِ والعراقةِ، ومصدرَ فخرٍ لمن يتشبّثُ بكِ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق