بقلم: فؤاد زاديكى
يا مَن كُنتَ أَخًا لِي لَمْ تَلِدْهُ أُمِّي، كَيفَ غَدَوْتَ غَريبًا بَعيدًا، تَتَنَكَّرُ لِلْوَفَاءِ كَأَنَّ بَيْنَنَا لَمْ يَكُنْ قَصْرُ مَحَبَّةٍ بَنَيْنَاهُ بِالصِّدْقِ وَ التَّفَاهُمِ؟ أَيُعْقَلُ أَنْ تَكُونَ المَصَالِحُ وَ الأَنَانِيَّةُ أَغْلَبَ فِي نَفْسِكَ مِنْ صِدْقِ الوُدِّ وَ نَبْلِ المَشَاعِرِ؟
لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ قَلْبًا نَقِيًّا لا يَعرِفُ الخِداعَ، وَ فَتَحْتُ لَكَ أَبْوَابَ نَفْسِي دُونَ رِيبَةٍ أَوْ حَذَرٍ، فَكَانَ جَزَائِي أَنْ أُصبِحَ مَحَطَّ نِسْيَانِكَ حِينَ سَمَتْ نَفْسُكَ إِلَى مَصلَحَةٍ زَائِلَةٍ. أَهَكَذَا تَكُونُ الصَّدَاقَةُ فِي عُرْفِ مَن ظَنَنْتُهُ مِرْآتِي وَ نِصْفَ رُوحِي؟
إِنَّ مَن يَبِيعُ مَن يُحِبُّهُ لِأَجْلِ غَايَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ، أو لموقفٍ سخِيفٍ او لسلوكّ مُتَسَرّعّ ليسَ في مَكانِهِ، هُوَ كَمَنْ يَهْدِمُ بَيْتَهُ بِحَجَرِ يَدَيْهِ. أَلَا تَعلَمُ أَنَّ الأَيَّامَ دُوَلٌ، وَ مَا تَزْرَعُهُ اليَومَ سَتَحْصُدُهُ غَدًا؟ لَيْسَ الغِنَى فِي المَالِ وَ لا فِي المَنصِبِ، بَلْ فِي قَلْبٍ يُشِعُّ وِدًّا وَ يَنْبِضُ إِخْلَاصًا.
لَقَدْ كُنتَ لِي كَالأَخِ، وَ ظَنَنْتُ أَنَّ الحَيَاةَ أَهدَتْنِي صَدِيقًا يَكُونُ سَنَدًا فِي الشِّدَّةِ وَ قَسْوَةِ الزَّمَانِ، لَكِنَّكَ بِتَصَرُّفِكَ جَعَلْتَنِي أُدرِكُ أَنَّ كُلَّ مَا لَمْ يَكُنْ نَابِعًا مِنَ القَلْبِ يَذْهَبُ كَالدُّخَانِ فِي هَوَاءِ النِّسيَانِ.
إِنَّ الصَّدَاقَةَ لَيْسَتْ كَلِمَةً نَقُولُهَا، وَ لَا وَعْدًا نُطْلِقُهُ، بَلْ هِيَ مَوقِفٌ يُثْبِتُهُ الوَقْتُ وَ تُجَمِّلُهُ المَحَنُ. فَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ مِمَّن يَكْسِبُونَ مَصَالِحَ وَ يَخْسَرُونَ قُلُوبًا، فَإِنَّ أَخًا صَادِقًا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَدِيقٍ بِلا وَلَاءٍ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق