السبت، 5 أبريل 2025

عم صيام في شهر الصيام بقلم علوي القاضي

«[1]»عم صيام في شهر الصيام«[1]»
          بقلمي / علوي القاضي.
... منذ أعوام قدمت القناة السادسة برنامج إسمه (رمضان في رمضان) ، وكانت فكرة جديدة تقوم علي حلقات طوال شهر رمضان وتستضيف كل حلقة رجلاً إسمه (رمضان) ليتكلم عن تجربته مع شهر رمضان
... نفس الفكرة أراد أن يكررها فريق الإعداد في أحدى القنوات التي كنت أتشرف بزيارتها كل أسبوعين لتقديم برنامج العلم والإيمان (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) ، ولكن لضمان عدم التكرار والتقليد أسموه (عم صيام في شهر الصيام) ولحسن حظي فقد حضرت تسجيل أول حلقة والتي لم تذاع حتي الٱن ، تمت إستضافة عم صيام 
... أذكر هذا جيدًا لأن عم (صيام الشهير بهندازة) أشهر خياط في حي (روض الفرج) كان ضيف الحلقة الأولي وبصرف النظر عن البرنامج والحكم عليه ، فإنه لم يكتب له النور حتى الٱن ، فإنني وجدت الفكرة لا بأس بها
... وهذا يذكرني بأن أقرب الشهور إلي التجسد في صورة بشرية هو شهر رمضان (شهر الصيام)
... أثناء تسجيل الحلقة الأولى ، عم (صيام) العجوز الطيب الكريم ذو اللحية البيضاء ، والرأس التي إشتعلت شيبا ، والوجه الذي ملأته السنون بالتجاعيد ، حكى ذكرياته في (شهر الصيام) ، فقد كان يمشي في الشوارع ليلاً ويحمل فانوسًا ملونًا جميلاً وتمتلئ جيوبه بالمكسرات والحلوي التي يوزعها على الأولاد ، وتحدث عن الفانوس الجميل المصنوع من الصفيح ، والذي ينبعث منه رائحة الشمع المحترق ، ذلك الفانوس الذي صنعه أسطي سمكري في حارة من حواري حي (السيدة زينب) أو حي (شبرا) ، وهي تلك المنطقة الشعبية التي تفوح بالتاريخ والتي ارتوت أرضها بعرق الصنايعية منذ عهد الفاطميين ، مثل سوق السلاح أو ش. عبد العزيز أو السيدة نفيسة أو سيدنا الحسين أو روض الفرج مايجب عليك إلا أن تكون قاهريا جدًا لتعرف معني وماهية هذه الأسماء والأحياء
... وحكى عم (صيام) العجوز الطيب أنه كان يحرص على أن يمشي في الشوارع ليستوثق من أن الزينة معلقة عند باب كل حارة ، وأن المسحراتي يقوم بعمله ولم ينم ، وأن بائع الفول باع بضاعته كلها ، ويتأكد من أن الكنافة تنضج فوق الفرن الأسطواني المصنوع في الشارع ليحول العجين إلي تلك الخيوط ذات المذاق الشهي 
... حكى عم (صيام) أنه لايصغي إلا لصوت تواشيح (النقشبندي) ، ويسمع القرآن بصوت (الشيخ رفعت) ، ويسمع حديث (الشيخ الشعراوي) ، فهي أصوات قادمة من القلب مباشرة وإلى القلب
... عم (صيام) العجوز يمشي في تؤدة قبل الغروب يتجه حاملاً إناءه المملوء بقمر الدين إلي المكان الذي يربض فيه مدفع الإفطار في (حي القلعة) ، فيشرف بنفسه على تجهيزه وحشوه بالورق والبارود ، وعلي إطلاقه لترتج المدينة كلها ، بصوته الضخم الذي يرج البيوت المحيطة ويملأها بالدخان الناتج عن حرق مكوناته من الورق ، ثم يصب كوبًا باردًا منعشًا للعسكري المسؤول
... عم (صيام) لايفطر ، إنه يمشي في الشوارع الخالية ، ليتأكد من أن جميع النوافذ مضاءة ، وأن الأسر كلها ملتفة حول الطعام ، وأن صوت (النقشبندي) ما زال يتصاعد من مكان ما ، ثم يراقب أول من ينزل من بيته قاصدًا المسجد لصلاة العشاء والقيام
... عم (صيام) بسرده لطقوس شهر الصيام في حقبة من الزمن ووصفة التفصيلي ، عاد بي إلي فترة الطفولة والصبى ، حيث كانت الحياة سهلة وبسيطة يغلفها الرضا والحمد فلكل عصر زهوته وجماله
... كل عام وانتم بخير
... تحياتي ...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

غدر الزمان بقلم قاسم الخالدي

غدر الزمان بكيت حتى ملءمن الكاس ادمع وعاشة جراحها بين ثناي اظلع وشكوة لله ماجرى وقلة حيلتي وكيف اصابة سهامها في مسمع اما مال فؤادها حين رأت ...