الاثنين، 20 سبتمبر 2021

التلة ‏و ‏المرحاض ‏بقلم ‏رشاد ‏علي محمود ‏ ‏

"التلة والمرحاض"
ليس هو السبب الوحيد والذي فعلته الوراثة وهي ان جعلت من أبى صاحب جسم نحيف وعمي شقيق  أبى أحد افيال الغابه فقد يبدو ان للوراثة بعض الأفعال السخيفه؛ كان اعتماده لبعض انواع الإجرام وسجنه أكثر من مرة مما جعل له ملفًا تابع للجهة التنفيذية؛ ومن عجائب النظام في الدول التي تعانى من بعض الأمراض المزمنة في جسد العدالة كالألتهاب الكبدي الوبائي والشلل في احد الاطراف وبعض الأمراض الأخرى فأنه من بين العجائب في هذه الأمم ان يكون هذ الملف وفي أحوال كثيرة مصدر قوة لصاحبها وليس مصدر ضعف  كما في حالة عمي ومن الأشياء الأكثر عجبًا ان يوضع كلا الشخصين في نفس مكان الحجز ونظرا لان عمي معروف في الوسط الإجرامي كان يقابل بالترحاب من الجميع وكان ابي يقابل بالترحاب بشكل مختلف كبعض اللكمات السريعه؛ فمن الأشياء الفظيعة ان تُترك جهة ما تتولى امر الناس بدون رقابة حقيقية وفاعلة؛ كمن يكون كالذي ياكل في مطعم ولا ياكل إلا ما يقدم له من قِبل المطعم فقد يأتي له بمضاعفات بسبب مرض ما أو قد لا تتقبله شهيته من الاصل؛ مرة واحدة هي التي نجا فيها ابي من بطش عمي والذي كان يطالبه دائما بأموال من أجل أن يعاقر الخمر وقضاء أوقاتا مع بعض النساء المنحرفات؛
عندما كنا نقيم في إحدى قري الصعيد وكان من يلقب بالعمدة من  قرية آخرى غير قريتنا وعندما ذهب له ابي لكي يشتكي من عمي وأرسل احد الخفراء ليأتي بعمي حينها وضعه في حجرة "السلاح ليك" كما يطلقون عليها وترك ابي جالسا بجوار احد الخفراء حتى يتم إرسالهما إلى مخفر المركز؛ بعدها مات ابي كمدًا واستراح من تهديدات عمي له؛ فلم يكن هناك مفر من أن تبيع أمي البيت وقطعة الأرض اللذين يمتلكهما أبى وفرت إلى إحدى المحافظات الساحلية لتقيم فى إحدى القرى التابعة للمحافظة ودفعت كل ما كانت تملكه في قطعة أرض وعلى رأسها منزل بسيط على أطراف القرية؛ وهنا يتوقف سرد بقية القصة من أمي وكيف أصبح عمي زوجها وحتى أن أصبحت شابا وكان عمري حينها لا يتجاوز الثلاثة أعوام؛ وكل ماحاولت معرفة ما تبقى من القصة تنهمر دموعها ولا تجيب وكان لزاما عليَّ ان اصمت حتى لا اضاعف من آلامها وإن اجتهد انا في وضع تكملة للقصة؛ ويبدو أن الجزء المفقود من القصة أن عمي أتى خلفنا وقد هددها بأنها إن لم تتزوجه سيقتلني راقني هذا التخمين ولأنه يناسب الأحداث جيداً؛ وها أنا الأن أصبحت شيحًا هرمًا ولدىًَّ زوجة وثلاثة اولاد من الذكور وهم في ريعان شبابهم؛ قررت أن اجمع أولادي وأخبرهم؛ بشيء ما؛ فقد أحسست بدنو الاجل؛ هتفت لزوجتي وأخبرتها ان تجمع لي الاولاد وعندما إجتمع النصاب وكان الجميع حولي أخبرتهم أن يعرفوا من اي بلد نحن في الأصل وكيف تجرعت أنا مرارة الايام فكل شيء مكتوب في بعض الأوراق والتي هي موجودة في عدة حقائب حقيبة تلو الأخرى حتى لا تصاب بالتلف وكيف يحصلوا عليها بدون أن يسببوا ضررًا للتلة إندهش الجميع بما فيهم زوجتي فهي كانت مثلهم لا تعلم شيئًا؛ وعندما تعجبوا للفظة إيذاء التلة كانوا جميعهم يعلمون أن لدينا تلة على رأس قطعة الارض كما يعلموا أنني كنت أجلس كثيرًا واقوم بتلاوة القرآن الكريم عندها؛ وعندما تساءلوا جميعهم كيف نؤذي التلة يا أبتاه؟! حينها لم أتمالك نفسي من البكاء فأشرت لهم بإلإنصراف واومات لزوجتي بأن تبقى؛ وقصصت عليها القصة كاملة حتى عندما ركل عمي امي المريضة وصعدت روحها إلى بارئها على أثر الركلة؛ فأشرت عليه ان ندفنها تحت التلة بدون أن يعلم احد  حينها كانت دموعي تسقط إلى الداخل وكنت أبذل مجهودًا لكي أبدو في كامل رباطة الجاش والرصانة وراقت الفكرة تمامًا لعمي ولكنه لم يكن يعلم أنني سأقتله واضع جثته في صندوق به بعض المواد الكيماوية لكي تتحل عظامه وتذوب بمرور الوقت وبنيت فوفه مرحاضا كنا نتبول فيه جميعًا؛

قصة قصيرة
بقلم القاص والشاعر
رشاد على محمود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

فلكِ قصائدي بقلم علاء فتحي همام ،،

فلكِ قصائدي / أهيم تائها بخيالها   وجمالها يجول ويُصخِب يدنو نحوي يُداعبني ولعينيّا يُسامِر ويَجذِب والدموع تشكو فِراقا  فنهر العشق لا يَنض...