الأربعاء، 8 سبتمبر 2021

عدت بقلم محمد إبراهيم حجاج

 عدت من صلاة العشاء مسرعا مخافة أن تكون اختي أكلت لوح الشوكولا خاصّتي, و هو أمر لا أريد التفكير به حتّى.. لكنّي وجدته كما وضعته, مع فنجان قهوة إعتادت وضعه لي قرب جهاز اللاّبتوب قبيل مجيئي بدقيقتين.. نزعت عباءتي و اعتدلت في جلستي ثمّ فتحت حساب الفيسبوك, تويتر, و مواقع أخرى حيث أبثّ بعض خواطري ممزوجة برشفات قهوة عربيّة المذاق، تضيف للضّاد رونقا شرقيّـــا..


فتحت الغلاف الذي يلفّ لوح الشوكولا ،فتراءى لي ذاك “المخلوق الأسمر” الشهيّ، ذاك الذي به شيء من السّحــر.. بل هو السحر بعينه، (سمعت يوما أنّ “الكاكاو” كان يستعمل في السحر قديـــمًا)


أخذت قطعة شوكولا أتأمّلــها.. غريـــبْ.. كم أحبّ هذا الّلون البسيط الجذّاب.. غموضــه، جــــــــــاذبيّته..و تجانسه الخفيّ قمّة البســـاطة.. يستهويــني كثيــرا.. حتّى الأشخاص من هذا اللّون أحبّهم!!


أستشعر لدى رؤيتهم أنّ الله قد خصّهم بهذا اللون “الفريــدْ”.. أنّ الطّيــن الذي خُلقوا منه كان ســاحرا.. حلو المذاق.. كأرواحهم.. و الشوكولا..أبدا لم يكن لون عبوديّة، بل العبد من ظنّ هذا.. من يظنّ أنّ اللّون مقياسنا.. و الله الذي يقيسنا بـــ”التقوى”.. أخذني هذا اللّون إلى غير مكــان.. إلى مكان آخر.. إلى بلدٍ آخر.. و تراقص سؤالٌ أمام عينيّ.. ” هل يعرف ذاك الصّغير الجائع في الصّومال طعم الشوكولا؟؟ ” هل جرّب صغيري ذاك, هذا السحر الذي أمارسه كلّ مســـاء؟؟ هذا الذي يأخذني حدّ السمــــــــــاء؟؟ هل تعرفه, أضلعه الصّغيرة البارزة ، صدره العاري، و بطنه الجوفاء؟؟


إشتدّ عليّ السّؤال .. شعرت بالحرج.. أحسست بحرارة غزت جسدي كلّه.. بجفاف داخلي.. حـــارق بمياه مالحة عبرت وجنتيّ لحلقي.. غصّت بقلبي الإجــابة.. كدت أبوح بها لنفسي.. لكنّي استدركت.. و كتبتها كتبتها بإصبعي المغطّى بتلك الشوكولا الذائبة على يدي.. كتبتها على ورقة بيضاء بذاك اللّون الغامض البسيط.. ذاك اللون الذي ذهب بي إلى هناك بلون ذاك الصبيّ الجـــائع.. بلون لوح الشوكولا.. كتبتهــــــا.. ” لا!! “..


وأنا أرتشف كوب القهوة الصباحي واقرأ وجوهـ المشاة من أمام الواجهة الزجاجية للمقهى كنت أفكر بك وكم أحببتُ الصدفة التي جمعتنا أكثر من أي شيء آخر، كان يبدو اليوم ثقيلاً فأعاود السؤال مجدداً ” متى سينتهي ؟! ” لكن منذ أن عرفتك أصبحت أصحو وأبتسم ويبدو وجهي مشرقاً وأردد بداخلي ” أريده يوماً طويلاً , طويلاً جداً ” كل الأيام التي تمنيت فيها أن يكون اليوم قصيراً لم أكن أنا بل نصف أنا جعلتها تتحدث بالنيابة عني .. والآن وبعد أن حصلت على نفسي مجدداً أريد التنفس بعمق و أطلاق روحي للحياة كما لو أني لم أمت من قبل !


هذه هي الحياة ، أن امعنت بها النظر من بعيد تسعدك مرة وتبكيك آلاف المرات ترفعك مرة وتسقطك ببحر الظلمات يوم لك والف عليك اليوم الذي تضحك لك اعلم جيدا أنه نهايتك كلما اقتربت تبتعد عنك كلما ابتعدت تجرى خلفك لا هى تنصفك ولا تتركك وتنساك فهى الحياة من الحية المتلونة الصعب امساكها والسيطرة عليها

#محمد_ابراهيم_حجاج



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ملكة الياسمين بقلم فاطمة حرفوش

" ملكة الياسمين" دمشقُ يادرةَ الشرقِ وعطرَ الزمانِ  ياإسطورةَ الحبِ ورمزَ العنفوانِ لا عتباً عليك حبيبتي إن غدرَ بك الطغاةُ وأوصدو...