زهرة
ـــــــ
بَيْنَ الْمُـرُوجِ رَأَيْتُـهُ
فَمَدَدتُّ فِي رِفْقٍ يَدِي
نَادَيْتُـهُ هَـا قـَدْ أَنَـا
يَا نَفْحَةَ الزَّهـْرِ النَّدِي
أَقْبِـلْ ، وَقَبِّــلْ زَهْــرَةً
تَاقَـتْ لِذَاكَ الْمَوْعِــدِ
بَاتَتْ يُمَنِّيهَــا الْهََـــوَى
بَيْنَ الغُصُـونِ الْمُيَّـدِ
***
أَقْبِـلْ عَلَيْهَــا ، إِنَّهَــا
فَاحَتْ بِعِطْــرٍ مُسْعِـدٕ
أَقْبِـلْ ، وَلاَ تَسْخَرْ ، وَلاَ
تَدَعِ النَّعِيـمَ السَّرْمَدِي
فَأَشَـاحَ عَنِّي وَجْهَــهُ
وَمَضَى لِبَابِ الْمَعْبَــدِ
وَمَضَيْتُ أَسْــأَلُ زَهْـرَتِي
عَمَّـا دَهَـاهُ وَمَقْصِدِي !
فَلَعَلَّـهُ مَـلَّ الْهَــوَى
فَجَفَـا بِقَلْـبٍ مُوصـَـدِ
وَلَعَـلَّنِي بَعْـدَ الْجَفَـا
عَمَّـا قَرِيـبٍ أَهْتَـدِي
***
أَقْبَلْـتَ يَا لَيْـلَ الكَآَبَــةِ
وَالْكَآَبَـــةُ مَعْبَـــدِي
مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنْ أَرَى
فِي نَاظِرَيْكَ تَلَــدُّدِي
قَدْ جِئْتُ أَشْكُوكَ الأَسَى
فَوَجَدتُّ مَا لَـمْ أَعْهـَدِ
وَرَأَيْتُ فِيكَ مِنَ الْجَـوَى
وَمِنَ الْعَنَـاءِ الْمُجْهِـدِ
يَا لَيْتَنِي أَطْويكَ لَيْــلِيَ
كَالْخِمَــارِ الأَسْــوَدِ
***
يَا لَيـْلُ رِفْقًـا بِالْفُــؤَادِ
الْعــابِدِ الْمُسْتَنْجـِدِ
الثَّـائِرِ الْمَغْبـونِ فِي
هَذَا الظَّــلاَمِ الْمُــرْبِدِ
أَوَّاهُ مِنْكَ ، وَمِن أَسَاكَ
وَمِنْ بُرُودةِ مَعْبَــدِي
أَوَّاهُ مِنْ طُـولِ السُّهـَادِ
وَمِنْ جُنُــونِ تَمَــرُّدِي
يَا لَيْلِيَ الْمَعْهُودُ أَسْرِعْ
ضَـاقَ فِيـكَ تَجَلُّـدِي
***
ثَوْبُ الظَّـلاَمِ يَلُفُّـهُ
خَيْطٌ مُضِيءٌ عَسْجَدِي
قَـدْ أَقْبَـلَ الإِصْبَاحُ شَيْبًا
فِي مَفَـارِقِ أَسْـوَدِ
قـَدْ لاَحَ فِي بَطـْنِ الدُّجَى
بَشًّـا كَوَجْــهٍ أَمْلَـدِ
غَنَّيْتُـهُ كَالطَّيْرِ لَــوْ
غَنَّى سَعِيدًا بِالْغَــدِ
فَإِذَا الصَّبَاحُ مُوَشَّـحٌ
بِالْفُـلِّ وَالْوَرْدِ النَّـدِي
***
وَمَضَيْتُ أَسْقِي زَهْرَتِي
صُبْحًا بِنَفْسِ الْمَوعِدِ
أَسْرَعْتُ شَوْقًا نَحْوَهَا
وَالشَّوْقُ يَرْقُصُ فِي يَدِي
أَبْصَرْتُهَا فِي لَحْدِهًا
فَوَقَفْتُ مَغْلُولَ الْيَـدِ
أَوَّاهُ مِنْ غـَدْرِ الْهَـوَى
مِنْ غَـدْرِ ذَاكَ الْمُعْتَدِي
فَهُنَاكَ قَلْـبٌ آَثـِـمٌ
وَكَأَنَّـهُ مِنْ جَلْمـَـدِ
اجْتَثَّهَـا مِنْ جِذْعهَـا
بِيَدِ الزَّمَانِ الأَوْغَدِ
فَهَوَتْ ـ بِلا ذَنْبٍ ـ إِلَى
رَمْـسٍ عَبُـوسٍ أَنْكَــدِ
***
أَي زَهْرَتِي ! ، لاَ تَحْزَنِي
هَـذِي دِمَـاؤُكِ في يَـدِي
فَلتَهْنَــئي ، وَلتََنْعَـــمِي
أَي زَهْرَتِي ! ، فَلِتَرْقُدِي
وَلِتَهْدَئِي حَتَّى أَرَى
مَنْ ذَا يَجُـورُ وَيَعْتَدِي
***
وَوَقَفْتُ أَنْهَـلُ لَوْعَتِي
أَشْكُو جُحُودَ الْمُعْتَدِي
وَنَظَرْتُ حَـوْلِيَ لَـمْ أَجِـدْ
إِلاَّيَ أَنْخُـرُ فِي يَـدِي
وَإِذَا الغُصُـونُ يَلُفُّـهَا
شَبَـحُ الْفَنَـاءِ السَّرْمَدِي
وَإِذَا السَّمَـاءُ دُمُوعُهـَا
كَالْلُـؤْلُــؤِ الْمُتَبـَدِّدِ
***
وَإِذَا طُيُورُ الْحُبِّ صَارَتْ
طـَيْرَ شُــؤْمٍ يَغْتـَدِي
وَإِذَا خَرِيرُ الْمَاءِ أَضْــحَى
مِثْـلَ بُرْكَـانٍ رَدِي
وَبُهِـتُّ حِيـنَ لَمَحْتُـهُ
فـَوْقَ الْحِصَـانِ الأَسْـوَدِ
يَعْدُو ، وَيَسْتَبِقُ الْخُطَا
مِنْ خَلْـفِ سُــورِ الْمَعْبـَدِ
وَالحِقْـدُ يَعْلُـو سَمْتَـهُ
وَالسَّيْفُ فِي تِلْكَ الْيَدِ
يَا وَيْلَتِي مَنْ ذَا أَرى !
هـَذَا الْحَبِيبُ الْمُعْتَدِي
***
الشاعر سمير الزيات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق