الخميس، 27 يناير 2022

الشيفرة الكونية بقلم رماز الأعرج

تحية الأمل والفكر والإرادة
الشيفرة الكونية 
رماز الأعرج , 
الجزء الأخير من التفكير الحدسي المنطقي  
4 الحدس الاحتمالي و الواقعي
إن ما حصلنا عليه من أشكال سابقة للحدس لها علاقة بمراحل و تطور الفكر و المعرفة, و حين تصل معارفنا إلى درجة لنضج الكافي يتطور الحدس مع هذا التطور و يرتقي إلى مستويات جديدة, حيث إدراكنا للحقائق و جوهر الأشياء و الظواهر يؤهلنا لأن نفهم احتمالية الواقع الكامنة في الأشياء, و هذه الاحتمالية تجعلنا قادرين على توقع الحدث, بل و التدخل لدفع الحدث أحياناً من خلال توفير الظروف المكملة لتحقيق الاحتمالية و إظهارها إلى السطح, فالاحتمالية وجود خفي مكتمل لشيء ما ينقصه مجرد دفعة أو صدفة لتجعله ظاهراً في الواقع مباشرة قبل غيره من الاحتمالات.

و نعود إلى مثال حجر الزهر في لعبة النرد حيث توجد ست احتمالات أكيدة لدينا , و يشكل رمي الزهر في ميدان اللعبة  الصدفة التي تخرج أحد هذه الاحتمالات و تجعله على الوجه الأفقي للزهر.

و هنا نرى أن الحدس قد أصبح نسبياً فهناك احتمالية من ستة أكيدة و الحدس هنا غير قادر على توقع أية احتمالية تماماً سوف نصل إليها بعد رمي الزهرة.
إن هذا شيء مشابه للحدس الاحتمالي.

5 الحدس المستقبلي
يشكل الحدس المستقبلي أكثر أنواع الحدس تطوراً فهو نتيجة لمعرفة متقدمة و تجارب حدسية مختلفة سبقت و عرفناها و بذلك تطور حدسنا المستقبلي و أصبحنا قادرين على قراءة المستقبل من خلال أحداث الحاضر و إمكانياته و ظروفه و هو ينقسم إلى نوعان
المستقبل القريب و المستقبل البعيد و هما غير منفصلان و يشكل كلاً منهما استكمالاً للآخر, فالقريب هو الأكثر دقة و قدرة على إدراكه بالحدس المعرفي و توقعه بتفاصيله,  و كلما ابتعد في الزمن إلى المستقبل كلما قلت التفاصيل الممكنة للكشف و المعرفة الحدسية, فابتعاد المسافة يحمل تفاصيل و صدف غير متوقعة مما يعيق من القدرة على تمكين الحدس من كشف الحقائق بتفصيل دقيق.

إن الحدس المستقبلي يشكل أساس في رؤيتنا للمستقبل و التخطيط له مما يمكننا من ضبط مسيرة حياتنا وفق ما هو متوقع, و هذا يعني صناعة الحدث بدل ترك الحدث يسير على هواه و يصنعنا, فقدراتنا الابتكارية و الإبداعية تعتمد بالدرجة الأولى على إمكانيات معرفية و علمية و حدسية متطورة و مخضرمة في التجربة مما يؤهلها للكشف عن مسار المستقبل و القدرة على قرأته.

و لهذا نجد أن العلماء و الفلاسفة هم أكثر من يخوض غمار هذه البحور العاصفة من المعرفة الإنسانية, فعلماء الفلك مثلاً قد تمكنوا بحدسهم من معرفة الكثير من الحقائق دون أن يروا وقوعها عن نشأة الكون مثلاً.

و كذلك علماء الأحياء و الفيزياء و غيرها, و في علم الفيزياء الحيوية تم إثبات أن الحياة قد نشأت من المادة الغير حية إلى المادة الحية,و هذا الاكتشاف الحدسي لبدء الحياة لم يراه أحد أو يراقب كيف وقع و لكنه مدرك و مكتشف حدسياً, من خلال المعلومات المتوفرة حول العالم و تطور الحياة و الوجود, و بذلك تمكنا من خلال الحدس, الحصول على حقائق عن أشياء و أحداث و قع قبل ملايين السنين و هذه الحقائق شبه مكتملة و لكن ليس بالإمكان تطبيقها مخبرياً حتى الآن و لكنها حقائق مثبتة.

6  لتفكير والحدس الوهمي الغير واقعي

لقد سبق وتحدثنا أن الحدس هو نتاج للمعرفة فلا وجود لأي حدس بدونها,  وما الحدس في النهاية سوى شكل من أشكال المعرفة, ولكنها سريعة متجاوزة للتفاصيل وذلك بحكم الخبرة والتجربة واتساع الأفق وشمولية الرؤية وهذا كله لا يمكن بدون المعرفة الموسوعية والعميقة للواقع, وبالضرورة أن تكون هذه المعرفة علمية و إلا أصبحنا في مكان آخر, حيث نصبح أمام مساحة غير متخيلة من الأوهام والمعارف المكتسبة من خلال الآخرين,  بالضرورة أن ندقق في أصولها ومنبعها قبل اعتمادها كحقيقة , فكلاً له رؤية للواقع بحسب معتقداته الدينية و الفلسفية والمعرفية .

وفي حال كانت هذه المعتقدات المكتسبة غير صحيحة, وغير علمية  فهذا يعني أن كل ما سيترتب عليها من نتائج لن يكون علمياً ولن يتقاطع مع العلم والحقيقة إلا بالصدفة وبهذا يصبح كل ما يمكن توقعه قد يكون وهمياً ولا أساس له من الصدق والحقيقة.

هذا ينتج لدينا حدساً وهمياً غير حقيقي مبني على أساس لا يمكّنه من الوصول إلى الحقائق الكاملة إلا ما ندر, ومن خلال الصدفة وليس حسن التقدير وقدرة حدسية عالية, خلاصة وصلنا إليها في النهاية مفادها أن الحدس لا يمكن أن يكون خارج التجربة الحسيه, هو و كافة أشكاله من أدناها  إلى أرقى أشكال الحدس والتوقع العلمي المعرفي, وهو قراءة المستقبل ويعتبر أرقى أشكال الحدس .

إن الحدس ذات فائدة كبيرة للإنسان والمجتمع إذا كان هذا الحدس مبني على أساس علمي معرفي, وفي حال لم تتوفر شروط الحدس العلمي وحل محله الحدس الوهمي فحينها ستكون النتيجة عكسية وسيصبح وجود هذا الحدس تدميرياً وكارثياً على المجتمع وتطوره وعلى الإنسان ذاته, بسبب وهمية التوقعات والقراءات المستقبلية واعتمادها على وسائل وهمية خاطئة من أساسها في الكشف عن الحقائق.

 أهم خلاصة وصلنا إليها هي :
 أن الحدس هو أرقى أشكال التفكير والاستنتاج, ولا وجود لأي حدس منطقي وعلمي خارج نطاق المعرفة الفعلية والخبرة والتجربة, و إلا لكان كافيا عزل الإنسان والتأمل بدل احتكاكه بالواقع والحياة و إخضاعه لبرامج طويلة من للتعليم واكتساب الخبرات و المعارف, وفي القرن الماضي تم العثور على طفل عاش مع القرود لفترة من الزمن, وحين عثر عليه بعد أن كان بالغاً, لم يكن يعرف شيء عن اللغة او طريقة سير الإنسان على الأرض كان يتصرف كالقرود تماماً وكأنه واحداً منها.

لقد كانت تلك الحادثة بمثابة دليل وتجربة قاطعة للرد على كافة الأفكار الوهمية القائلة بان الحدس حالة خاصة  او خارجة عن الطبيعة وكذلك أصبح واضحاً أن الحدس هنا مختلفاً عن الفهم الماركسي للحدس الذي انحصر في الجانب الأولي للمعرفة, في الوقت الذي يسير الحدس مرافقاً لكافة أشكال المعرفة ويتجلى كأرقى شكل من أشكال التفكير الإبداعي و الإبتكاري و الفني و الإنساني, فلولا الحدس العلمي والمعرفي والفني العالي والواعي المخضرم لما حصلنا على ما حصلنا عليه من فنون ومنتجات جميلة مذهلة أنتجها لنا مبدعين سبقونا في مجال المعرفة و الإنتاج الإنساني الراقي.

والخلاصة الثانية إن الحدس هو عملية رياضية منطقية  استنتاجيه  يقوم بها الدماغ بشكل سريع يستخلص النتائج السريعة بدون المرور بالتفاصيل , إنها عملية  رياضية منطقية وليس رقمية , أي منطق الفلسفة والنظام الكوني وفهمه العميق .

لهذا السبب يساعدنا الفهم العميق للقوانين والنظام الكوني على تطوير قدراتنا الحدسية في قراءة الواقع و إحداثه وفهمها والسيطرة  عليها وأحيانا وتجيرها لصالحنا , او قيادة هذه الحركة بطريقة علمية منطقية , في حال كانت حركة اجتماعية , مثل الثورة  الحقيقية الأصيلة , التي تقصر الطرق وتقلل حجم المعاناة وتصل إلى أهدافها بأقل التكاليف الممكنة . 
سديم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

قطر الوداع بقلم حربي علي

  موال  قطر الوداع  قطر الوداع  صفر  وقالي:هس بس سكوت ده عمره  ماتأخر عن:   رحالة  بنت بنوت قطر الفراق ودع فينا حارات وبيوت وورق أخضر كان ضل...