ألم القلم وأمل الحبيب
لقد خلقتني بلا حد ، وتلك هي إرادتك ، وهذه الكأس الرهيفة كنت تفرغينها أبدا ثم تفعميها على الدوام بحياة دائمة الجدة ، وهذا الناي القصبي الصغير حملته على الهضاب والوديان ونفحت فيه عبره أغاني دائمة الجدة ، وحين تلمسني يداك الخالدتان فإن هذا القلب الصغير يضيع في فرحة لا حد لها ، ويغني أغاني غامضة المعنى ، وفوق هاتين اليدين الصغيرتين تهبط عطاياك اللامحدودة ويمضي الفجر وتتوالى الأيام وتستمرين أنت في سكب عطاياك ، ويظل هناك دوما مكان ينتظر المزيد من الاعتلاء .
عندما تأتين تأمريني بالغناء ، يبدو قلبي وكأنه يفيض بالفخر ... وأحدق في محياك لتغرورق عيناي بالدموع ... وكل ما في حياتي من مرارة قاسية وعدم انسجام ينصهر في تناغم عذب لطيف ... وتنشر عباءتي أجنحتها كطائر سعيد بطيرانه عبر البحار ... أعرف أنك تستمتعين بإنشادي ، وأنه لا يمكنني أن أتقدم إلى محضرك إلا كمنشد ... بجناح أغنيتي المنبسط ألمس قدميك اللتين لم أفكر في لمسهما أبدا ... وفي نشوتي بإنشادي أنسى نفسي وأسميك الصديقة ... وأنت سيدتي التي مزقت الفؤاد والقلب .
يا حياة حياتي ... إني لأسعى على الدوام لأن أحتفظ لجسمي طهارته لمعرفتي بأن ملاطفتك الحية تلمس كل أعضائي ... وأحاول دوما أن أبعد كل زيف عن أفكاري لمعرفتي انك الحق الذي أوقد في عقلي نور التفكير ... وأحاول دوما أن أطرد كل شر عن قلبي وأجعله يزدهر بالحب لمعرفتي بأنك تقيمين بأعماق أغوار القلب ... وأحاول دوما في كل أعمالي أن أكتشفك ، لمعرفتي بأن قوتك هي التي تمنحني القدرة على التصرف .
لتسمحي لي بالجلوس ّإلى جوارك لحظة قصيرة ... إن الأعمال التي تشغل بالي يمكن إبعادها فيما بعد ... فبعيدا عن رؤية محياك لا أعرف هدنة و لا راحة ، ويصبح عملي مشقة بالغة في بحر لا حدود له من الآلام ... لقد جاء الصيف إلى نافذتي بهمساته وتنهداته .. والنحل أخذ يصنع أقراصه في ساحة غابة الزهور... لقد حان الوقت لأن أجلس إليك زجها لوجه .. هادئين .. و أغني نذر حياتي لك في هذا الهدوء الطافح بالسكون
لتقطفي هذه الزهرة الصغيرة ولتمسكي بها دون تباطؤ ... إني أخشى أن تذبل أو تسقط في التراب و لا أدري إن كانت ستحظى بمكان في إكليلك ... ولكن لنكرمها بلمسة رحيمة من يدك ... ولتقطفيها ... أخشى أن ينتهي النهار قبل يقظتي وتفوت ساعات العطاء والهبات ... رغم أن لون هذه الزهرة شاحب ورائحتها ضعيفة واهنة ... فلتستفيدي منها طالما كان في الوقت متسع ... ولتقطفيها .
بقلم : سنوسي ميسرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق