السبت، 30 أبريل 2022

فراشات و أطفال و توابيت متناثرة هناك بقلم أمل شيخموس

 الكاتبة الروائية أمل شيخموس 

         فراشات و أطفال و توابيت متناثرة هناك 

إنها سماء وطني سوريا الجريحة التي يبكيها الشعراء و تدبلجها الأخبار كيفما تشاء لصالح وجهة نظر و رؤية و فكر مَن تعمل هذه القنوات ألأجل الحقيقة تعمل أم ماذا ؟ ! 

غدت الحرب السورية مادة دسمة لسنواتٍ طويلة تُسترزق منها القنوات الإخبارية العالمية . . مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد ، فالأمر لم يكن يستلزم الكثير من الوقت حتى يتم إعداد تلك التقارير بسرعة فائقة نظراً لكثافة الصواريخ و البراميل المتفجرة في الأجواء و الأحداث الساخنة على الدوام و سقوط الشهداء و تلقي الأحياء مصرعهم حتى على البث المباشر فقد كانت هذه الأحداث تُبث و تذاع كمادة إخبارية مجرد صوت و صورة اعتاد العالم مشاهدتها في حين كانت هذه الجرائم على أرض الواقع ترتكب مع هؤلاء المساكين مأساة فعلية ، و ليس نشرة أخبار مقتضبة تقارير تفتقر للشفافية و الحيادية و عدم الإنحياز أغلب الوقت لم تكن تنقل الصورة كاملة في ظل حالة الفوضى و كثرة الأطراف المتنازعة تلك . . ما أعظم قول الحق ! إذ لا ينبغي أن يُلغى صوت الحق بل أن يكون ساطعاً ، وحده الشعب و الله من فوقه يرى ما مسهم من ضر ، يعلم كم الغدر و الجور و العدوان و العبث و القسوة و الدمار كما لم تكن في أي أوانٍ ضلال و تضليل وتجارة بالأرواح و الثروات التي غدت سلعة تتداولها الأخبار ، و ساحة المعركة متقدة على مصراعيها تفجيرات و تفخيخات و ثروات تُنهب و طفولة تُشرد وتُسلب . . صغاراً هرموا قبل الأوان إثر ابتلاع الحرب سنين طفولتهم في جوفها الغادر الأحمق جهنم لا ترحم . . هنا سوريا و السوريون فقط يدركون حجم المأزق الكارثي ، و ما يمرون به سواءً في الخارج أو الداخل أرواح لا تحصى حُصٍدت دون ذنب أو حجة فقط حرب مصالح و تقاسم الكيكات فيما بينهم . . لا شيء يمكنه تعويض الإنسان السوري المنكوب و ما مر به من جرائم ترتكب حدَّ اللحظة جوع و غلاء قتل و استغلال . . فقد غدت ساحة مباحة للمتاجرة بكل شيء ما عدا  الكرامة و العزة ، فليذهب المتفلسفون رعاة الإرهاب وما يصدرونه من تشويه و تكذيب و تزييف إلى الجحيم . .  غدا الأمر جلياً للعيان حقوق الإنسان كذبة لا حصر لها إذ اتضح أنه لا يوجد أرخص من دماء الأبرياء أمام مآرب تلك الأطراف من  الجهات المتنازعة و يعجن القلم و يدور و لا يفلح . . لأن الله وحده و السوريون الّذين هم في باطن الحرب و المحنة أو خارج الوطن وجحيم الغربة و الحنين يطحنهم يدركون المأزق الكارثي . . وحدهم والله يعلم ! سوريا حدث و لا حرج . . القلم يندى جبينه و يشعر بالخجل مما تم ارتكابه ، لأن الواقع أشد فضاعة و شناعة و الحرف يعجز عن الوصف . . 

فقد تم في وطني قتل الحقوق و سحق الحريات و الكائنات ، بتر الورود و أحلام الصغار . .

قطرات دمٍ تُشاهد على الشاشات التي لا تتهاون في بث الأحداث دون الإجتهاد في نقل تفاصيلٍ دقيقة بل جزء ضئيل منها يصل للعالم . . والحرب بلا هوادة افتعلت ما افتعلت من عبثٍ و دمار و اقتلاعٍ لجذور الإنسان السوري و الضحكة الفراشة للطفل السوري اليتيم التي سرقتها الحرب و استبدلتها بالدموع و القروح أب شهيد أو مسجون أسير . . 

الحقيقة أدنى قاب قوسين من الخيال المريض لآلة الحرب المستمرة في السفك و النهب . . الحرمان من أبسط مقومات  العيش داخل الوطن حيث لا ماء و لا كهرباء و لا أمان و لا ثمة نسمة هواءٍ نقي الجو ملوث برائحة الدخان و الجثث ، و جاءت كورونا بالنبأ المبين لتستكمل  المسرحية بيد أن السوريون في الداخل سخروا منها وقالوا نحن شعبٌ اصطلينا مع الحرب التسعنا بالنار و الحرمان ، الدمار و الجفاف أجاءت هذه لتخيفنا كلا و ألف ! ! و أبت كورونا إلا أن تحصد هي أيضاً أرواحهم إلى جانب الحرب دون هوادة لم تشفع لهم عذاباتهم إذ في لحظةٍ ما تراءى لهم أن الفيروس ربما يخجل من ذاته و لا يقترب من العائلات السورية الجريحة التي تئن و تنزف بلا هوادة .

بقلم الكاتبة الروائية 

أمل شيخموس


                   

                                                                    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

أحيانا تمر بنا لحظات بقلم إغراء أحمد بدور

أحيانا تمر بنا لحظات  نود أن ننفصل عن العالم أن نعيش في صمت كامل فنبتعد دون نقاش أوعتاب نبتعد لأننا اكتفينا من التعب  تعبٌ أحال فصول حياتنا ...