الثلاثاء، 5 يوليو 2022

الفنون والثقافة والجماليات بقلم رماز الأعرج

معا نحو كوكب اخضر متجدد
رماز الأعرج  في (الصحراء , شعوب ورمال) المحاضرة 6 ) 
ج  : الفنون و الثقافة  والجماليات البدوية 
 
كما في جميع الجماعات البشرية وتنوعها , نرى بأن الجماعة البدوية لها ثقافتها الخاصة وفنونها وتنوعها وآلاتها الموسيقية وشعرها وموسيقاها وعادتها و أعرافها وقوانينها الخاصة بها , وأخلاقها أيضا , ولديها من الموروث القديم بما لا يعرف تاريخه , ربما يرجع تاريخ البعض منه إلى آلاف السنين .
كما في الصناعة أيضا كانت الفنون البدوية معتمدة على ما خف حملة من أدوات ومتاع , فظهر الفن والجمال في الحياة البدوية , من الثياب إلى الحلي وتزين الجسد والوجه , ووضع الوشم عليه , وتطريز الثياب النسوية خاصة , وكل ما تستخدمه النساء تقريبا , وكذلك ثياب الرجال لها جماليتها وزخارفها , و الأطفال أيضا .
ومن الملاحظ ضلوع المرأة البدوية في الكثير من الفنون والحرف اليدوية الدقيقة , مثل الغزل والنسيج وصنعة الكثير من الأدوات و الأثاث المنزلي البدوي وزخرفته وإضفاء الطابع الجمالي عليه .
إنها حياة المرأة الداخلية ومساحة مسؤوليتها الاجتماعية والاقتصادية و التربوية و الفنية والجمالية , وجميع ما استخدم من أدوات كان خفيف الحمل والنقل واختص في الغالب في قضايا طابعها عملي استعمالي يجمل ويزخرف ليصبح ذات قيمة أكثر وجمال , مثل الثياب والأدوات الخاصة لكل فرد , او أدوات الطهي , او السلاح السيوف الخناجر كانت تزين وتجمل وتزخرف وما زال كذلك حتى اليوم وخاصة في مجالات الصيد والهواية , بحيث هناك قطع أسلحة صيد مزخرفة من بنادق وسكاكين وغيرها ثمينة جدا وبعها من الجهد الفني المبذول بما يجعل قيمتها عالية جدا تصل إلى مئات آلاف الوحدات النقدية .
وفي المنطقة العربية عرف الشعر واشتهر كفن سهل ولا يحتاج إلى أي أدواة خاصة في حياة البادية , هو فقط الإنسان وصوته وقريحته الشعرية والنثرية وخياله الجامح , وموهبته الخلاقة, والشعر والنشيد والموسيقى و الفنون السمعية إجمالا لا تحتاج إلى الكثير من الأدوات لأدائها  بالنسبة لحياة البادية , لذلك جاءت الأدوات الموسيقية بسيطة , والاعتماد الأساسي على الصوت والأداء البشري , سواء في الشعر او القص والرواية او النشيد الغناء . 
وعرفت الكثير من الآلات الوترية مثل الربابة وغيرها من أدوات العزف المشابه , منها ما صنع من النباتات مباشرة , مثل جوز الهند , ومنها ما صنع من الجلد والخشب , ومنها ما هو أحادي الوتر للعزف ,  ومنها ما هو متعدد الأوتار , وكذلك آلات النفخ و الهوائية والطبول والدف والناي  و اليرغول وأنواع مختلفة من القرب  وغيره من الأدوات الوترية البدوية الكثيرة المنتشرة حول العالم , وجميع هذه آلات تصنع من الخامات المحلية المحيطة بحياة الإنسان البدوي وبيئته , لذلك كانت متنوعة بين الجلد الخشب والمعدن ومواد طبيعية من وسطه المحيط وبيئته وظروفها.
وكذلك الأمر الرقص بشكل عام , بحيث يمارس الرقص البدوي لكلا الجنسين , وان كان مختلف ,  وقليلة الرقصات المشتركة بين الإناث و الذكور في حياة البداوة , وهذا مختلف عن الريف والمدن منذ قديم الزمان .
واهتم البدوا بزينة خيولهم وخصوها بالكثير من الرموز والتوقعات التي تشبه التنجيم أحيانا , ولكنها متوارثة منذ القدم ربما آلاف السنين , وكذلك الأمر مواشيهم وجمالهم , وصنعوا الهودج ليكون شبيه بالخيمة لكن فوق ظهر البعير تحتمي به النساء والأطفال  إثناء السفر من حر الصحراء وغبارها وبردها .
وتجدر الإشارة في هذا السياق أن  أثرياء البادية وملوكها وسلاطينها في القديم كانوا يعيشون حياة رغيدة ومريحة , ويقتنون الأثاث الفاخر والخيام الكبيرة التي تتسع لمئات الأشخاص أحيانا , يقيمونها للمناسبات والاحتفالات الكبيرة, وكانت بعض القبائل العربية تعد بآلاف ويقطنون جميعهم في مناطق متقاربة , ولديهم رعاة تعمل في خدمتهم , ليس في الرعي وحده بل في الكثير من أعمالهم .
وعرف مجتمع البادية العبيد أيضا , ولكن حال العبيد كان مختلف في البادية عن حالهم في المدن , بحيث ظروف البادية ترفع التكلفة بين الناس وتقربهم لبعضهم , و وفي المنطقة العربية مثل بلاد الشام وغيرها من المناطق , و في الجزيرة العربية كثير من العبيد أصبحوا بمثابة أصدقاء ومستشارين وحماة مخلصين لأسيادهم , وكان الأغنياء من البادية يفخرون بوجود عبيد مهرة لديهم وذات مواهب .
تعتبر الثقافة البدوية ثقافة متكاملة الأركان , من النمط الاقتصادي ونظام عيش أولا , بني عليه نظام اجتماعي وثقافي وسياسي أيضا , وكما اشرنا سابقا حول الكثير من العائلات البدوية التي سيطرة على السلطة السياسية أقامت إمبراطوريات كبرى  في تاريخها , ورغم أن لا لغة خاصة للبداوة , بل اللغة هي  ظاهرة أكثر شمولية من ذلك و عمومية , فلا يوجد لغة خاصة بالبادية , بشكل عام , بل هي لهجات و لغات متنوعة مشتقة من اللغات الأساسية لثقافات تلك الشوب .
في النهاية نلفت إلى أن الفنون والثقافة البدوية حول العالم موضوع كبير وشائك جدا , ومتنوع حول العالم ومختلف من ثقافة إلى أخرى رغم القاسم المشترك بينها , ولا يمكن اختزالها في مجلد او بحث معين بل تحتاج ألاف الصفحات من الدراسة و البحث , ولكنا هنا في هذا السياق نأخذ ما هو ضروري لسياق المادة وليس اختزالا لثقافة إنسانية ونمط حياة عاشها الإنسان عشرا ألاف السنين الخوالي .
رماز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

مَنْ زعلك مَنْ بقلم العلاء الرشاحي عدنان عبد الغني أحمد

.........مَنْ زعلك مَنْ....!؟                       ...................  ـ من زعلك ياحبيبي   وأنت لحياتي عمود .. ـ من زعلك ياحياتي   هم ...