النية
جالس يدون مصروف البيت وهل يكفي لآخر الشهر، وربما يزيد عن الحاجة إن لم يكن هناك حالة مرض أو شيء طارئ يغير في الميزانية، وكثير من الأحيان يفرح لأنه بقي له شيء منه ويحمد الله على ذلك رغم أنه بسيط جدا إلا أن ابتسامته مشرقة وقلبه مرتاح، ذلك لأنه عمل بجهد وبحلال ولم يذهب للربح السريع ورضي بما قسمه الله ودعاه أن يوفقه ويبارك في رزقه فكان له ذلك، وفقه الله ورعاك.
وأنت نعم أنت؟ أتحسده على هذه النعمة، هو لا يعمل موظف حكومي او بشركة خاصة وليس لديه مكتب مثلك، عمله قاس يبذل مجهود كبير ، ينهض من بزوغ الفجر إلى آخر النهار وهو في العمل وحين يصل لباب منزله لا يستطيع حتى طرق الباب او إخراج المفتاح من جيبه، فهو منهك القوى وكل جسمه يئن من التعب حتى أصابعه اخشوشنت من العمل الشديد وعندما يجلس يأكل تلك اللقيمات لتسد رمقة ثم يستلقي على الفراش لا يستطيع أن يتحرك او حتى يلاعب أطفاله المشتاقون للجلوس معه ولو للحظات، من شده التعب تجده بعد بضعة ثواني إستغرق في نومه .
هل مازلت تحسده يا من تأتي لمنزلك بسيارتك الخاصة وتجلس لتلاعب أطفالك وتتفرج على الأخبار أو تقرأ الجريدة وتأكل ما طاب لك براحة واطمئنان ثم تنام نومة هادئة، ثم تأتي لتقول: كيف لا يقترض مني ولو لمرة واحدة وأنا الذي أعمل بدوام نصفي ومدخولي اربع أضعاف مدخوله أصل إلى نصف الشهر اذهب أقترض منه لأكمل الأيام الباقية من الشهر.
تستغرب صح؟!!!.
الموضوع وما فيه أنه يتوكل على الله في كل خطوة يخطوها ويساعد المحتاج بكل نية صافية رغم أنه محتاج أكثر منه، لكن تجده يرضى ويقول الله سيفتح من بابه الواسع، فبالاتكال على الله زاد وبارك له في ماله.
أما أنت إن رأيت محتاج قبل أن تخرج من جيبك بعض النقود لتعطيها له تفكر وتحسب ألف مرة قبل أن تضع يدك وكثير من الأحيان يغلب على أمرك وتمر عليه مرورك الكرام وأنت تقول في نفسك كل هؤلاء المتسولين غير محتاجين بل هم نصابين ولديهم أموال أكثر مني.
نفسك الأمارة بالسوء ووسواسك غلبك وقضي عليك فأصبحت تابع له، والآن تسأل لما ذاك العامل العادي أحسن مني؟ وقلبك يكن له كل حقد .
لا تفكر أنك الوحيد الذي فيه هذه الصفات، أنظر حولك، الكل يقول نفسي ولا يأبه للمحتاج والمسكين ولو تعلموا أن قطعة النقود التي لا تعني لكم شيء هي غذاء او عشاء لأحدهم، فلو منحتوهم اياها بطيب خاطر ونية صادقة لزادكم الله من فضله وبارك في رزقكم ولو علمتم ذلك لما توقفتم على إعطائهم ولو القليل مما لديكم.
هكذا حال البعض يعيشون في عالم ثان يغرقون في المال والثراء والزخرفة والأنوار والبهرجة ، لكن لو ازاحوا الستار قليلا لوجدوا الكثير من يحتاج للفتات الذي يرمونه في القمامة ليقتاتوا به.
بقلم الأديبة عطر محمد لطفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق