تِجارَةٌ أم فِجارَةٌ ؟ !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عَلى أيدِ أهلِ الحُكمِ تَأتي الجَرائِمُ ...
وَتَأتي عَلى أيدِ اللِّئامِ المَغارِمُ
وَيُغصَبُ مِن جَيبِ الفَقيرِ قَليلُها ...
وتَصعُبُ من جَيبِ الغَنِيِّ الدَراهِمُ
يُكَلِّفُ شَيخُ القَريَةِ الديكَ جَمعَها ...
وَقَد عَجَزَت عَنهُ النُّسورُ الضَراغِمُ
فَيَأخُذُ ما عِندَ الفَقيرِ بقَسوَةٍ ...
ويَترُكُ ما عِندَ الغَني عنهُ راغِمُ
فأين المُساواةُ التي يُنشِدونَها ...
وأينَ هِيَ الأخلاقُ، أينَ المَكارِمُ ؟
مُنِعنا السَّحابَ القَطرَ رَغمَ مُرورِهِ ...
تِجاراتُ فُجرٍ تَعتَليها العَمائِمُ
فَأشهَرَ أصحابُ المَنافِعِ مَخلَبًا ...
لنَهشِ لُحومِ الناسِ والكُلُّ ظالِمُ
بِحُجَّةِ تَغييبِ الدَّليلِ عَلى هَوا ...
مِشِ الرِّبحِ، أسعارٌ حَمَتها القَشاعِمُ
وتَطفيفُ ميزانٍ وكَيلِ بِضاعَةٍ ...
وغِشٌّ وحِلفانٌ كَذوبٌ مُلازِمُ
وقد اِستَحَلوا كلَّ شَيءٍ "فِجارَةً" ...
وفيها احتِكارٌ.. رِشوَةٌ والغَوانِمُ
بِجَودَةِ مَنتوجٍ ووَزنِهِ بَخسَةً ...
لسِعرِهِ أضعافٌ عَلَتْ والغَواشِمُ
وَأسعارُ لِبسٍ في جُنونٍ وفي عُرى...
لتَقزيعِ شَعرِ الرأسِ لانَت جَواجِمُ
وسِعرُ خُضارٍ والفَواكِهُ جَمرَةً ...
يُغازِلُها فَقرٌ بعَينِهِ راجِمُ
وسِعرُ لحومٍ في خَيالٍ قد استَحَت ...
ومن غِشِّهِم تُسقى دَواءً البَهائِمُ
وأدوِيَةٌ في نُدرَةٍ وغلاءُ سِعْـ ...
رِها والمَقاهي بالحِمى والمَطاعِمُ
وأدويَةٌ تَركيزُها في نَقاوَةٍ ...
كماءٍ نَقِيٍّ لا شِفاءَ يُنادِمُ
وَعَينُ طَبيبٍ في الجُيوبِ هُيامُها ...
عَدا مَن هَداهُ اللهُ بِرًّا يُداوِمُ
وَتَعليمُ نَشءٍ مَسَّهُ الغِشُّ في تِجا ...
رَةٍ دونَ أخلاقٍ حَمَتها كَمائِمُ
عَلى جَمعِ مالٍ دونَ إيفاءِ حَقِّهِ ...
ومِن جُثَثِ الصَّرعى عَليها تَمائِمُ
وخَلفَ مُسمَّى "رُقيَةً" و "حِجامَةً" ...
إمامٌ ثَرى غِشًّا وطِبًّا يُزاحِمُ
ويَجني ثَراءً سُنَّةً يَدَّعي المُنى ...
لإحيائِها قد صِيدَ صَحوٌ ونائِمُ
ويَشري بآياتِ الإلهِ دَراهِمًا ...
وخَلفَ رَسولِ اللهِ رَكضٌ وعائِمُ
كأنَّ جَميعَ الناسِ مَرضى غِوايَةً ...
بمَسٍّ وسِحرٍ والرُّقاةُ ضَبارِمُ
طَريدَةُ حَظٍّ ساقَها جَهلُ جاهِلٍ ...
بماءٍ وبَرٍّ قد هَوَتهُ العَلاجِمُ
"فِجارَةُ" سُوقٍ من أناسٍ تَكالَبوا ...
عَلَينا كَبَحرٍ مَوجُهُ مُتَلاطمُ
وَحوتُهُ قِرشٌ ذاقَ من دَمِ غارِقٍ ...
بِبَحرِهِ إكراهٌ ونَحنُ الخَضَارِمُ
بُطونُ الخَوى مَفتوحَةٌ وكأنَّهُم ...
جِياعًا أحاطوا قَصعَةً فتَصادَموا
تَمُرُّ بكَ الأسعارُ نارَ هَشيمَةٍ ...
فَوَجهُكَ في ضِيقٍ وثَغرُهُ باسِمُ
جُيوبٌ كنَبعِ الماءِ في رَملَةِ الثرى ...
فَما جَفَّ يَنبوعٌ وَلا قامَ جاثِمُ
غَلاءٌ بغَربِ الأرضِ والشَّرقِ زَحفُهُ ...
عَلى راتِبٍ حِلٍّ حَلالاً يُلازِمُ
فَمَن طَلَبَ الرِّزقَ الحَلالَ فإنَّما ...
مَفاتيحُهُ الصِّدقُ البُيوعُ الصَّوارِمُ
وَمَن رَغِبَ الرِّبحَ السَّريعَ عَلَيهِ أن ...
يُحلَّ حَلالًا من حَرامٍ فَدائِمُ
ويَرحَمَ أفواهًا منَ الفَقرِ ضَنكُها ...
لِيَرحَمَهُ اللهُ ورِزقُهُ لازِمُ
ألا أَيُّها الغَيمُ الَّذي لَيسَ مُمطِرًا ...
سَقاكَ الإلهُ المُزنَ، هل أنتَ قادِمُ ؟
شُيوخٌ وأطفالٌ وفينا بَهائِمٌ ...
جَفافٌ رَوى أرضًا وفينا اللَّوائِمُ
فَلا بارَكَ اللهُ تِجارَةَ فاجِرٍ ...
كَذوبٍ وغَشَّاشٍ لسُحتِهِ ناظمُ
ولا بارَكَ اللهُ بِطانَةَ حاكِمٍ ...
تَقومُ عَلى حَقِّ الفَقيرِ مَغانِمُ
ولا بارَكَ اللهُ مَكانَةَ عالِمٍ ...
يَنامُ عَلى ضَيمٍ.. فَقيهٌ وعالِمُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد جعيجع من الجزائر ـ 14 جانفي 2023م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق