* تطهُّر .. *
أحاسيس : مصطفى الحاج حسين.
أينعَ الخرابُ
واجتاحنا الانهيارُ
النهارُ تنهشُهُ الزَّواحفُ
الندى تقضمُهُ الثّعابينُ
والشجرُ ينمو داخلَ
أقبيةِ النارِ
يتصاعدُ الجوعُ
في أحشاءِ الوردِ
وينفجرُ الظلامُ
في شرايينِ القمرِ
يدوسُنا الليلُ
يسحقُنا الصدى
وتأكلُ قلوبَنا حاوياتُ القهرِ
سماؤنا من خشبٍ منخورٍ
بحرُنا من بولِ الضَّفادعِ
أرضُنا من حطبِ الدَّمعِ
كلُّ ما في الكونِ بُرازُ الحقيقةِ
صنعنا دروبَنا من أشواكِ الضَّغينةِ
الجمجمةُ السَّوداءُ كانت منارتَنا
شيدنا مدناً من أحجارِ الرذيلةِ
أجزنا للولدِ قتلَ أبيهِ
والاتٍّجارِ بنهديَّ أمِّهِ
أبحنا الغدرَ بالأخوَّةِ الأنقياءِ
أغوينا الغرباءَ بمفاتنِ نسائِنا
فعلنا كلَّ مُنكرٍ يُسعدُ الشيطانَ
ويٌطمْئنُ الحكامَ
ويقتلُ الزمانَ
مِنْ كلِّ صوبٍ ينحدرُ الهلاكُ
فوقَ غفلَتِنا
ستنقضُّ اليدُ اليمنى على اليدِ اليسرى
مخالبُنا على أعناقِنا
صوتُنا على آذانِنا
دمُنا على أبصارِنا
سنقتلُ فينا ما نحبُّ فينا
سوادُنا سيزهقُ بياضَنا
وسنشوي ضحكتَنا على نارِ دمعتنا
نحن من أشعلْنا النارَ في الجنّةِ
مَنْ سمَّمَ ماءَ الكوثرِ
مَنْ حاكمَ النحلَ بتهمةِ الإرهابِ
قتلْنا كلَّ مَنْ كان اسمُهُ يوسفَ
اغتصبنا كلَّ مَنْ كانت عذراءَ
سرقْنا حليبَ أطفالِنا
أخذنا اللقمةَ من فمِ الفراشةِ
انتهكْنا شرفَ الموجِ
صار يحقُّ علينا لعنةُ الأبديَّةِ
فمِنْ حقَّ الرَّملِ أنْ يتطهَّرَ
ومِنَ الجبالِ أنْ تنعُمَ بالنقاءِ.
مصطفى الحاج حسين
إسطنبول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق