يجري الزمانُ وتنقضي الأيامُ // ويطولُ عُودُ غِراسِنا أعلامُ
طفلٌ صغيرٌ في سوادِ عيونِنا // يربو ويكبرُ والمُنى أقلامُ
يحبو ويلهو والقلوبُ حمامةٌ // تهوي إليهِ والدُّمى أحلامُ
في كلِّ يومٍ تستقيمُ ملامحٌ // ويقومُ جذعٌ والرؤى أجرامُ
وتراهُ يكبرُ والخُطى محفوفةٌ // بنوائبٍ أوتُسرِعُ الأقدامُ
أطفالُنا أكبادُنا تجري كما // يجري الزمانُ وتُجمعُ الأرقامُ
وتسيرُ تحتَ عيونِنا في رقَّةٍ // تسبي النفوسَ وتُبعثُ الأنسامُ
وجداولُ الماءِ الطَّهور خريرها // يشفي المريضَ فتُدفَنُ الأوهامُ
أشجارُنا أغصانُها قد أشرِعتْ // صاغَ الحنانُ نماءها والهامُ
وتجاورتْ في قوَّةٍ مِنْ نسجِنا // حتى نمتْ من صُلْبِها الأرحامُ
مثل الرياضِ عبيرُها وزهورُها // وحلاوةُ الألوانِ والأنغامُ
وتجاوزتْ أحلامَنا وكتابَنا // وتقدَّمتْ أفكارُها إسهامُ
وتحاورتْ مع نهجِنا محفوفةً // بحيائها فتجاوزَ الإلهامُ
أنتمْ حصادُ حياتِنا ونعيمُها // أنتمْ رموزُ بقائنا والشَّامُ
نفنى لتحيوا في تراثِ وجودِنا // كي تنعموا كي تُرفعَ الإبهامُ
إن تسبقونا بالفناءِ مصيبةٌ // ضاقتْ لها الأحلامُ والأفهامُ
واليومُ أثكلُ بالحبيبِ المُفْتدى // قلْ ماهراً كي يظهرَ البسَّامُ
فسقتْ بماهرَ كلَّ نفسي مرارةً // كوتِ القلوبَ وساختِ الأقدامُ
حتى غدوتُ بلا فؤادٍ سامقٍ // يُحيي المواتَ فدبَّتِ الأسقامُ
يا ماهراً في كلِّ شيءٍ يَعتلي // مجدَ العقولِ وينهضُ الهَمَّامُ
كلُّ المكارمِ قد ملكتَ تمامَها // سَعِدَ الصديقُ بفيكَ والأعمامُ
إنْ كنتَ طفلاً فالتبسُّمُ منهجٌ // أو كنتَ صُلباً فالورى إسلامُ
كم مِنْ صديقٍ لا يفارقُ مجلساً // ما دمتَ فيهِ لتُهدَم الأصنامُ
وتُداسُ كلُّ مثالمٍ ومفاسدٍ // قد عُمِّمتْ لتسودنا الأنعامُ
فالله أكرمَ جنسَنا ومقامَنا // والزهدُ فيهِ غوايةٌ إعدامُ
لا تستقيمُ حياتُنا ووجودُنا // مِنْ غيرِ أخلاقٍ ولا إشمامُ
ذلُّ المَهانةِ في الرجالِ نقيصةٌ // لا تنتهي أو يُمنعُ الاقدامُ
لكنكَ الأسدُ الهُمامُ بصولةٍ // إن يظهر الإظلامُ والإجرامُ
أو تؤكلُ الأرضُ التي قد شُرِّفتْ // بالأنبياءِ فيزأرُ القسَّامُ
والنارُ تحكمُ في الصراعِ وكم ترى // بصماتُهُ الغراء والإسهامُ
يمشي بعِزٍّ والرِّجالُ مُحيطةٌ // ترنو إليهِ وفي الجوى إكرامُ
وترى القلوبَ وفي ملاءٍ أبيضٍ // فتذوبُ حُبَّاً والفتى العزَّامُ
اللهُ أكبرُ مِنْ صفاءِ نفوسِهمْ // مثلُ الملاكِ وفي الهوى قُدَّامُ
وإنِ استمعتَ إليهِ كان المُصطفى // في لفظهِ الإتقانُ والإعلامُ
فالأصدقاءُ وكثرةٌ قد أُلهموا // حبَّ الصفاءِ فقامت الأهرامُ
في كلِّ دربٍ للحبيبِ معالمٌ // بسنائها تُروى قُرى أقوامُ
بسنابلٍ مبذورةٍ في حقلِها // تعلو وتربو فالدُّنا أعلامُ
ورسالةُ الأصحابِ باتتْ وردةً // مِنْ عِطرها قد يعجزُ الرسَّامُ
في بيتكَ الشهدُ المُصفى أشرعتْ // وتعانقتْ سُبلُ الهوى إنعامُ
وتهلَّلتْ أرجاؤه البسْم الذي // يروي الحياةَ فتُنعَشُ الأحلامُ
فصفاءُ عيشكَ لا يقارنُ والرؤى // فتجافت الأوهامُ والأسقامُ
وتحالفتْ كلماتُكَ البيضاءُ دوماً // والسَّعادةُ والهنا والرَّامُ
وتعانقتْ كلُّ المباهجُ بلسماً // يسقي الزُّهورَ فتعزفُ الأنغامُ
أولادهُ النجباءُ سِلمٌ كلُّهمْ // قد أورثَ الإحسانَ مَنْ قد قاموا
وتجاورتْ أخلاقُهمْ وتناغمتْ // في بيتهمْ الرُّوحُ والأجسامُ
لا يعتريهم ما ينغِّصُ صبحَهمْ // روتْ الليالي الحالَ والأعوامُ
هم في انسجامٍ بينَ أفرادٍ نمتْ // وترعرعتْ أحضانُهُ الإلهامُ
وبزوجهِ النجلاء يزهو يزدهرْ // طعمُ الحياةِ وتشرقُ الأيامُ
يا ابن الأخيَّ وأنت مثلي هيئة // قد كنت ابني غابت الأفهامُ
فغدوتُ أهذي عند فقدكَ حُرقةً // والنَّفسُ ضاعتْ والمُنى أوهامُ
*في رثاء ابن أخي ماهر الذي وافته المنة شاباً بسكتة قلبية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق