غياهب البحار العميقة
(نثر)
بقلم:ماهر اللطيف
جلست ككل يوم في نفس الميعاد
على نفس المقعد مقابلا للعباد
في انتظار حضورك الذي ترتعد لوقعه الأجساد
وتتنهد الافئدة لرؤية قوامك المعتاد
الذي تستقيم لرشاقته الأشجار والأوتاد
وتبتسم له وجوه البنات والأولاد...
انتظرت، وانتظرت ولم تحضري يا مالكة الروح
فمددت يدي كما عهدتيني لتمسك بيدك وتبوح
بشوقها لك كقلبي وجسدي المجروح
الذي يعاني غيابك عنه وهجرك لهذا اللحوح
والعنيد والأناني الرافض لكل هاد ونصوح
يحاول اقناعي بكل الطرق بموتك بوضوح
ويفسر لي تعرضك لحادث أرداك قتيلة
وأنهى حياتك على الفور أيتها الجميلة
و وأد أحلامك و أمانيك وكل وسيلة
للنجاح والفلاح والسعادة يا "سليلة"
الحزن والأسى والجراح وسوء الطالع يا أصيلة
يا من تركتيني دون جهد، هدف أو حيلة...
مددت يدي وتنهدت كالعادة وقلت "أحبك يا منيرة المقام
يا سالبة المشاعر والوجدان والقلب والفكر والعظام،
يا مستعمرة الفؤاد وكل جزء ونظام
يتحكم في جسدي الذي يخر لحبك، بل لهذا الهيام
الذي أنساني الليالي والأيام وعلاقتي ببقية الأنام
وحرمني من كل راحة وهدوء ومنام..."
فسمعتك تقهقهين وتهمسين في أذني وقد احمرت الخدود
وبرزت الأسنان البيضاء التي خرت لنصاعتها مياه السدود
ََوتحركت شفتاك ونطقت بطيب الحروف التي زعزعت النهود
" أحبك أيضا أيها المعتوه الذي يظلم بدونه الوجود
وتنتهي الحياة وتفقد كل معنى ولذة أيها العاشق المشهود،
يا من غيرت حياتي وجعلت لها هدفا أعيش من اجله في هذا الوجود"
ومازلنا نتغازل ونتبادل أطراف الحديث في هذا المكان
وننسى تواجد كل مخلوق من حولنا مهما كان
حتى شعرت بقطرات المطر تسقي جسدي الولهان
وترجعه إلى واقعه الحزين الذي سافر في غابر الزمان،
فاستفقت للأسف يا حبيبتي وليتني لم استفق في هذا الآن،
لأدرك أني وحيدا، أبكي أطلال زمان ومكان
كنت فيهما بطلة قصتي التي انتهت ولم تبتدئ في الحقيقة
إذ حرمتني منك الموت بأبشع سيناريو وطريقة
ورحلت بك للأسف على الفور في دقيقة
ومعك كل الأحاسيس والمشاعر النبيلة والرقيقة
فأردتني ميتا وأنا حي في هذه اللحظة الدقيقة
وأغرقتني في غياهب بحار الحزن والآلام العميقة...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق