الأربعاء، 17 مايو 2023

أحلام أنثى الجزء الحادي عشر بقلم عبده داود

أحلام أنثى 

الجزء الحادي عشر
سقوط الحلم
 تابعت سحر تقول: طلبت من لويس أن يعيدني إلى الفندق باكرا، استغرب جميعهم الأمر، وقالوا: الحفلة لا تزال في البداية، والسهرة تدوم حتى الصباح... تحججت بأنني متعبة قليلاً. والحقيقة: خشيت من زميلاتي أن يسألوني سبب تأخري وتكثر الأسئلة: وما بين سينات وجيمات، يستنتجون أسراري، وأنا حريصة ألا أخبر أحدًا عن الهدايا، وعن فرحة انتخابي ملكة جمال النادي، وخاصة عن نبتة الحب التي بدأت تتفرع بداخلي، أسراري هي من مقدساتي.
أخبرتني متقدمتنا، بأن طائرتنا تم إصلاحها وغدًا في العاشرة صباحًا، سوف نغادر بكين إلى دمشق.
غرقت في نوم عميق، أيقظني رنين الهاتف قالوا بأن سيارة نادي النخبة تنتظرني حتى تأخذني لمعاينة سور الصين...
بطبيعة الحال اعتذرت لعدم توفر الوقت...
 أخذت حماما ساخنا، ارتديت لباس المضيفات، ونزلت إلى المطعم حتى أودع لويس، احتسيت قهوتي مع زميلاتي، ثم ذهبت إلى طاولة المأكولات الممدودة والسخية، عليها من أصناف الطعام العديدة والغريبة. أنا لا أعرف معظمها ولم أتجاسر تذوقها... واكتفيت بقطعة خبز محمص دهنتها بالزبدة والعسل... 
كنت أتلفت يمينا ويسارا عسى أشاهد لويس، قارب موعد ذهابنا إلى المطار، ولويس لم يأت بعد...
كان لا بد لي أن أسأل الاستعلامات عن رقم هاتف غرفته حتى أودعه. 
 قالوا لي السيد لويس غادر الفندق منذ الصباح الباكر عائدا إلى دمشق، جاءت برقية تطلب حضوره الفوري. خطر ببالي أمورا كثيرة، أغلبها خبر عن وفاة أحد من أهله. حتى يذهب بهذه السرعة دون أن يودعني على الأقل... 
حلقت بنا الطائرة عائدة إلى سورية...
كان في ذهني سؤال واحد ماذا هناك يا لويس؟ وإذا كانت حالة وفاة لا بد سأذهب للتعزية. ربما أنا وأختي، ولا بد لنا من شراء ألبسة سوداء مناسبة. 
استقبلتني أختي في المطار، كان أهلي، ينتظرانا حتى نتناول العشاء سوية، بعدها دخلت أنا وهدى غرفتنا، وأختي تحب التفاصيل بكامل حروفها، وحتى نقاطها، سألت عن كل ما حدث بيني وبين لويس...وهل طلب يدي؟ هل قال لك يحبك: أنا راجعت كل كلمة قالها، والواقع هو لم يقل لي كلمة واحدة بأنه يحبني، أو ما شابه. فقط أنا أحسست بعواطفه الساخنة نحوي.
في الصباح بينما كنا نحتسي القهوة بجانب البحيرة، أعطيت أبي الظرف المقفل الذي أعطوني إياه في المعمل، وقلت مازحة أنا جيرته لك يا أطيب أب.
فتح والدي المغلف حدق بداخله، شهق وقال: هذا يعادل أكثر من راتبي مدة عام كامل، قلت هذا أقل ما أقدر أن أقدمه لكما، أنت وحبيبتي أمي.
 بعد ظهيرة ذلك اليوم هاتفنا أبونا ميشيل وسألني هل أبوك تعلم لعب طاولة الزهر حتى أباريه، لأنني أنا لا أحب أن ألعب مع المبتدئين... 
ضحك والدي وقال: تعال وسوف أحبسك في خانة اليك، ولن أخرجك منها...
أمي سألت أبونا: من المتوفي اليوم؟ كانت هناك سيارات عديدة بجانب الكنيسة.  
قال أبونا: جورجيت زوجة لويس عبود، مسكينة كانت حامل، جاء موعد الولادة قبل الأوان، تعثرت ولادتها، حدث معها نزيف حاد، لم يتمكن الأطباء من السيطرة عليه، أنقذوا الطفلة وعجزوا أن ينقذوا الأم. كان حينها لويس في الصين استدعوه وصل قبيل أن تفارق الحياة... رحلت وتركت أربعة أولاد صغار في رقبة هذا الرجل المسكين، رجل من أطيب شبابنا...
أنا لا أعرف ماذا أصابني، صرخت لويس هذا مجرم وغبت عن الوعي وعندما استفقت، عرفت بأنني في المشفى... 
 سألني أبونا ماذا هناك، ما سبب حقدك على لويس؟ 
قلت: سأعترف لك لكن كنسيا حتى أضمن سرية قصتي.
أقفل أبونا الباب، رويت له قصتي كاملة مع لويس، وقلت له: لويس خدعني لدرجة الموت. تركني أحبه ولم يذكر بأنه متزوج أو عنده أولاد...
سألني أبونا: هل اعترف لك بحبه، أو هل أسمعك كلاما قصد فيه إنه يرغب الزواج بك؟ هل لمح لك شيئا عن عاطفته؟ وأغلب أجوبتي كانت لا لم يحدث...
قال: من الواضح هو أعجب بك لدرجة كبيرة، لكن العقل السليم يقف عائقا أمام القلب، حتى لا يتدهور الإنسان... ويقع في قاع الخطيئة، أو الطرق غير المشروعة التي تخالف المبادئ السماوية... وعقل لويس كان سدًا أمام طريق اعجابه بك.
 أنت يا ابنتي تصرفت أيضا حسب ايحاءات العقل، وانتظرت حتى هو يفاتحك بحبه، وهذا تصرف سليم، أنت حبست صرخات قلبك، وأوقفت زوبعة العاطفة الهوجاء، انتظارا حتى يبادرك هو... بوركت فتاة صالحة.
 أقنعني أبونا وعاد لويس يسكنني، قلت لأختي لا بد أن أذهب حتى أعزي لويس في مصابه، وسوف تذهبين معي... كم ظلمته.
قالت: ألا يكفيك حماقة يا سحر... الذي تفكرين فيه هو أحلام أنثى مريضة. الجنون بعينه؟ 
قلت: إذا لم أقف أنا بجانبه، من ستقف؟ 

الكاتب: عبده داود
إلى اللقاء في الحلقة الثانية عشر.
من يود قراءة حلقات من الرواية يجدها في مجموعة 
(أحلام أنثى)...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لذيذ الجنى بقلم د. حفيظة مهني

لذيذ الجنى  بقلم د. حفيظة مهني  _________________ قل يا قرين الفؤاد ما نفع التداويَ  إذ جار هواك و على قلبي تمردَ  وما نفع دمع البعد ...