الأحد، 14 مايو 2023

أحلام أنثى بقلم عبده داود

أحلام أنثى
عنوان الحلقة: سحر مترجمة
الحلقة التاسعة
كنت أنا صامتة أحاور ذاتي، هل أقبل مساعدة السيد لويس أم أرفضها. نظرت إليه رأيت نظرة الرجاء في عينيه، وقلت بصمتي: هذه فرصة كيف أرفضها...
نهضت بتثاقل مصطنع، وجئت معه حيث هو وزملاؤه الصينيين...هم رحبوا بي بحرارة حقيقية. باللغة الإنكليزية.
قالوا السيد لويس هو تاجر كهربائيات، يشتريها من الصين ويبيعها في السوق السورية.
عندنا أجهزة من نوعية عالية صنعناها للسوق الفرنسية، أعجب بها السيد لويس وطلب الشراء منها  لكنه يرغب أولا معرفة مواصفاتها الفنية للأسف الكتالوجات في اللغة الفرنسية ونحن لا نجيد الفرنسية ولا السيد لويس.
ترجمت لهم الكتالوجات،  ووافق  لويس على شراء تلك المعدات، لكنه اشترط معاينة طاقتها الإنتاجية أثناء التشغيل.
كان لا بد من السيد لويس أن يترجاني أن أرافقهم إلى مقر الشركة، وزيارة المعمل، حتى أترجم لهم ما فاتهم من تعليمات، طبعا أنا ترددت ورفضت، لكن تحت إلحاح الصينيين ذاتهم، ورجائهم  الحقيقي بأن أبقى معهم، لأنهم كانوا جداً راضين عن الترجمة جاؤوا جميعهم إلى طاولتنا، وترجوا المضيفات أن تسمحن لي بمرافقتهم... وبتشجيع من زميلاتي، وافقت.
في الحقيقة، أنا كنت في غاية السعادة أن أكون بجانب لويس، الذي سحرتني عيناه، ولباقته وطريقة تعامله مع الصينيين،
ضحكت بصمتي وقلت: أمس لم أكن أعرف حتى اسمه، واليوم صرت مترجمة له، أساعده، وهو يترجى خاطري، لأكمل المشوار معه الذي قدم من سورية خصيصاً لإنجازه.
الحقيقة، أنا اشعرت بالفرحة الشديدة لمرافقة هذا الدمشقي الغريب الذي كانت نظراته لي نظرات حنان واعجاب وامتنان...
المعمل ضخم جداً، يرى المرء أوله، ولا يرى آخره، خطوط انتاج طويلة... وأنا شبهت المعمل بخلايا النحل التي تعمل بلا كلل...
عاين لويس الأجهزة، ودورانها ووافق على شرائها...
دخلنا جميعنا على مكتب الإدارة الفخم، استقبلنا مدير المعمل بترحاب، وعانق لويس بحرارة.
بعد أن تم التوقيع على عقود الشراء، قدموا لنا مشروبات فاخرة، وضيافات كثيرة، وتقدم المدير حاملا ظرفاً مغلقا وقال: آنسة سحر أرجوك أن تقبلي هديتنا المتواضعة هذه.
حاولت أن أرفض الظرف الهدية، لكن مدير المصنع أصر عليّ. وقال الخدمة التي فعلتيها لنا اليوم كبيرة، وهديتنا لك متواضعة مقابل ترجماتك الممتازة.
في نهاية جلسة العمل، قال المدير: يصادف اليوم العيد السنوي لنادينا، نادي النخبة، أنا أدعوكما وبإلحاح إلى سهرة الليلة، وأضاف في الساعة الثامنة مساءً، ستصل سيارتي إلى الفندق لتنقلكما إلى هناك. سأكون أنا وزوجتي وأصدقاؤنا في استقبالكما.
عدت أنا ولويس إلى الفندق، قال لويس دعينا نتناول وجبة الغذاء، أنا جائع.
ضحكت وقلت ربما قطعة (خبز وملح) تكفيك... وضحكنا... وصعدت أنا إلى غرفتي واستلقيت على السرير تملأني الغبطة...
أيقظني نقراً على الباب، وإذ سيدتان تبدوان خياطتين تحملان ثوباً طويلا ورسالة من لويس تقول: هذا الثوب هدية مني لك من أجل سهرة اليوم. الخياطة سوف تركزه لتجعله مناسباً لك، أكيد أنت لم تحضري معك ثوباَ مناسبا إلى هكذا حفلة، كما حجزت لك دورا  عند مزينة الشعر هي ستناديك...
في الساعة الثامنة هاتفني لويس... نزلت بأحد المصاعد الفخمة إلى القاعة الرئيسية، وأنا مرتدية ثوب السهرة الرائع، وكل حسب الأصول الرسمية.
عندما رآني لويس أدهشه منظري، وبعفوية صاح كم أنت رائعة الجمال يا سحر، أنت اليوم سفيرة سورية في بكين... اِحمر وجهي خجلاً، ولم أجد كلمات مناسبة أقولها، واكتفيت بابتسامة وبكلمة شكراً بالفرنسية (مرسي).
فتح لويس علبة مجوهرات وقال: أيضا هذه هديتي لك، وأخرج منها عقد رقبة جميل، مناسب لثوب السهرة وثبته على رقبتي، وأنا شعرت برغبة شديدة بضم لويس وتقبيله، لكنني تماسكت واكتفيت بكلمات الشكر...وقلت بصمتي، الخطيب لا يكرم خطيبته كما يفعل هذا الغريب معي. رغم أن معرفتنا لا يتجاوز عمرها ساعات... لكنها كانت كافية، حتى أجيز لذاتي أن أبحر في عينيه بحرية وأزداد اشتياقاً له، وهو جالس بجانبي...
ركبنا سيارة مدير المصنع الفخمة (ليموزين) وانطلقت بنا إلى أرقى نوادي بكين، نادي النخبة...
عند مدخل النادي، توقفت اذ لاحظت جميع السيدات القادمات يتأبطن أذرع الرجال الذين يرافقهن...تريثت بالدخول، شابة تحضر إلى سهرة النادي الرسمية مع شاب، يجب أن تكون صديقته، أو خطيبته، أو زوجته. هذا مكان راق، لأكابر سكان بكين... لا يجوز أن أدخل هكذا دون أن أتأبط ذراع مرافقي...حتى تكون لي صفة رسمية.
هو تدارك الموقف، لوى ذراعه، وغمزني مبتسما، وأنا تريثت قليلاً، لكنني مددت ذراعي بحركة خجولة، وتأبطت ذراعه ودخلنا قاعة أكبر من ملعب كرة القدم...
أغلب الموجودين الذين شاهدونا نظروا إلينا باستغراب وتساءلوا من هؤلاء؟
كان قلبي يخفق بشدة كوني تأبطت ذراع لويس، رغم سعادتي   المفرطة، بهذه الحركة التي تجاسرت وفعلتها... وكان لا بد لي أن أفعلها، حتى تكون مرافقتي ذات مدلول إيجابي في نادي النخبة.
جاء مدير المعمل وزوجته مسرعان يستقبلانا...
مؤلف القصة: عبده داود
إلى اللقاء في الحلقة العاشرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ذُل الـعـــرب بقلم محمود غازي درويش

💠 💠 ذُل الـعـــرب 💠 💠 من يشتري شــر الـعـروبــة والـعـرب؟! من يشتري عُـهـر ديـوثٍ مُـغْـتَـصـب؟! من يشتري أصنامـاً لا تُـحـرك سـاكـنـا و...