أكتوبر الدروس والعبر
كتب / عبد الناصر سيد علي
.................................................
في أكتوبر من كل عامٍ تهلُّ علينا ذكرى نصر الأبطال، ودحر العدو، فاستطاع جيشنا العظيم بكل عدده وعُتاده تجاوز حدود الزمن، ودحر العدو، وكسر شوكته وغروره الذي طالما اغتر به أمام العالم بأسره ،في حرب شهد لها العالم ببراعة الجندي المصري في ممارسة كل فنون الحرب والقتال ، وقادته العظام أيضاً .
ولنترك قليلا السرد القصصي لهذه الملحمة التي طالما تغنينا به ،وإن كان مطلوبا،لنقف عند أخذ العبر،و الدروس المستفادة من هذه الملحمة والتى خلدها جنود
بواسل،وقادة عظام، وعقليات فذة .
فمن دروس هذا النصر العظيم :
** الدرس الاول :
(اللجوء إلى الله وقت الشدائد والمحن )
فكل المؤرخين أجمعوا على أن سر النصر ، ومفتاحه هو الاستعانة بالله ،وبان ذلك عند الجنود والقادة عندما تعالت صيحاتهم ( الله أكبر ), وشقت عنان السماء فزلزلت العدو ، وخارت قواه ،وخاصة أنها كانت من الأعماق تخرج من مرارة الهزيمة،والاصرار على الخلاص.
** الدرس الثاني:
(عدم قبول الذل والهوان والدونية )
فبعد كسرة ١٩٦٧م أصبحت معنويات الجنود، وحتى عامة الناس يُرثى لها مما قد لحق بنا من هزيمة وعار نتيجتها فقدنا جزءً غالياً من وطننا الحبيب ،بالإضافة إلى ما لحق بنا من عارٍ ، فالكل أصبح
رافضاً لهذه الفكرة ،ويشعر بالخزي من تداولها،فكان لابد من الثأر لكرامة المصريين، واسترداد أرضنا،وعدم قبول الذل والهوان.
** الدرس الثالث:
( حسن التخطيط،والجدية في العمل )
وبان ذلك من خلال الاستراتيجية العسكرية المصرية الفذة ، والقضاء على الساتر الترابي (خط بارليف) و الذي زعمت إسرائيل أنه لا يستطيع دحره أية قوة، وأنهم جيش لا يقهر ، فذاق مرارة القهر ، وحُطِّمَ جسره المنيع بفضل الله ، ثم قادةٍ وجنودٍ فكروا خارج الصندوق ،و خططوا ونفذوا خطة تحطيم هذا الجسر المنيع ، وقهر هذا الجيش الذي لا يُغلب.
** الدرس الرابع:
( الاتحاد قوة )
وظهر ذلك بتلاحم قوى الجيش بقادتهم ، ومن ثم التحم الشعب بجيشه وكان درعاً واقياً، وصمام أمان، مؤمناً بضرورة رد الشرف ، واسترجاع المنهوب ، ورفع غبار الذل والهوان ،ففي الاتحاد قوة والتفرق ضعف.
** الدرس الخامس:
( وضوح الهدف )
لابد وأنت تخطط لحياتك أن تكون الرؤية واضحة ، والهدف محدد ، فقد كان الجيش وقادته ليس لهم هدف في الحياة سوى استرداد كرامتنا وأرضنا فالهدف واضح والعدو معروف، وقد آل ٱليهم ما أرادوا.
** الدرس السادس:
( معرفة العدو من الصديق وقت الشدة )
مستحيل أن تعرف إخلاص صديقك إلا عند الشدة والضيق ،وقد ظهر ذلك في تلاحم الدول العربية مع مصر وإمداد ها بكل الوسائل الممكنةوالوقوف بجوارها،وبخاصةسوريا ،والعراق،والجزائر، وليبيا، ولا ننسى الدور السعودي في مقاطعة النفط الشهيرة، وهناك من اتخذ موقف المتفرج، والمواقف لا تنسى.
** الدرس السابع:
( ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة )
وما انتصارنا في أكتوبر المجيد(٧٣ ) إلا تحقيقا لهذا المبدأ، فعدو
متغطرس،متكبر،متعجرف، يعشق الحروب والدماء والفساد والخراب، وقد اعتدى ونال من أرضنا بالقوة ، فوجب مقابلة ذلك بالقوة أيضا، ونتيجتها تم استرداد قناة السويس والعبور فيها،ومدينة القنطرة،وجزءٍ من هضبة الجولان السورية.
** الدرس الثامن:
( ضرورة استخدام أسلحتك التي تميزك لتقهر عدوك )
واتضح ذلك من خلال منع النفط عن إسرائيل من الجانب السعودي بموقفه البطولي ،ولما لا وهم أشقاؤنا؟!.
** الدرس التاسع:
( جمع المعلومات والتحري بدقة لما تتطلع إليه سببٌ رئيسيٌ في نجاح مهمتك)
وقد تم ذلك من خلال القوة الاستخباراتية المصرية والتي أقسمت على نفسها ألا تذوق طعم النوم والراحة إلا بعد الأخذ بالثأر وعودة الكرامة المصرية ، واسترداد أرضنا ,التي طالما حلم بها المصريون، وتحقق لهم ذلك.
** الدرس العاشر:
( الاستعانة بعدو العدو في إنجاز المهام )
وتم هذا من خلال استيراد الأسلحة من الاتحاد السوفيتي آنذاك.
.............................
فهل آن الآوان يامصري أن تستلهم روحانيات أكتوبر النصر في أن تبني ، وتشيد مصر الجديدة، هل آن الآوان أن تنسجم مع سيمفونية البناء تلك: تزرع، وتصنع، وتعلم، وتوجه ،وتعالج،وتستصلح، وتستثمر، وتبين للعالم كله قدرات الإنسان المصري الغير محدودة وهو يسعى لتحقيق حلم بلده في سبق الريادة والتقدم .. هلا استلهمنا ذلك ؟!.
كلي أملٌ في شبابٍ زاهرٍ واعدٍ ينفض عن نفسه غبار السلبية ، واللامبالاه، ويأخذ القرار، ويقفز خطوات وخطوات محققاً أحلام بلده ، حتي يستحق أن يكون مصرياً بحق ، وتتحقق فيه روح أكتوبر المجيد .
..........................................
بقلمي/ عبد الناصر سيد علي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق