بقلمى : د/ علوى القاضى
... دائما مايكون صراع الناس وخلافاتهم صراعا دنيويا ، إما على المناصب أوالمكاسب ، أوعلى السلطة أوالمال ، والباقي يأتي بعد ذلك
... صراع السلطة والمال فطرة تشمل جميع البشر الطيبين والأشرار ، الفارق بينهم فقط فى أدوات وأساليب الصراع للوصول للسلطة أو المال ، وأسلوب توزيع المناصب والمكاسب
... فالطيبون يصارعون بشرف وضمير ونظافة يد ويوزعون بالعدل
... بينما الأشرار لايعترفون إلا بأنفسهم وقوتهم ويستخدمون أساليب الوحوش المفترسة الدموية والطرق الهمجية وغير الهمجية أكثر من المخلب والناب من غدر ومكر ومكيدة ، وفى عقيدتهم أن كل الناس والطبيعة وماحوت عندهم مشروع فريسة ومكسب ، مثل الحيوانات المفترسة ، إلا أن الحيوانات المفترسة أقل منهم وحشية فهى تشبع وتقنع ولاتضع شيئا في البنوك ولا تكدس ولاتراكم مغتصباتها ولا تأخذ إلا حاجتها فقط
... وأما أشرار البشر ليس لديهم هناك حدود لجشعهم للسلطة أو المال وكل مشتقاتهم ، وليس هناك حدود لبشاعتهم وهمجيتهم وإجرامهم
... وهؤلاء الأشرار لايحدهم حد غير الإجبار بالقهر أو بالقوة أو بالمرض أو بالضعف أو بالموت فتلك تكون نهايتهم
... أيها الأحباب : مامن شك أن أي عمل فنى لايكتمل بناؤه بدون بعد أيديولوجي واضح ومحدد
... أما عن علاقة النص السردي بالأيديولوجيا ، فإنها علاقة مركبة ، تمتزج فيها تقنيات السرد والوصف والتي تسهم في إبراز البعد الأيديولوجي داخل القصة ، والتي تعكس عادة الصراعات الأيديولوجية في ثقافتها سواء بقصد أم بغير قصد
... ونجد مثال ذلك في رواية ( عمارة يعقوبيان ) ، حينما استحوذت حالة التفكك الإجتماعي والطبقي على الرواية
... فى فيلم " عمارة يعقوبيان " قام السينارست بدور أكثر من رائع فى تحويل مجتمع ما عربى إلى (عمارة)
... نعم عمارة بها كل طوائف المجتمع
... كل شريحة إجتماعية لديها مشاكلها الخاصة ( وبلاويها المستورة ) ، وكان وراء كل باب حكاية
... أروع مافى العمل مقدمة الفيلم ، فيها ملخص لقصة عمارة يعقوبيان التى تلخص التطور المجتمعى فكرا وسلطة وإقتصادا
... تناول الفيلم عدة سيناريوهات كل منها يعكس صورة مجتمعية مستقلة بمشاكلها وفلسفتها فى الحياة والتى تعكس صراع السلطة والمال
... سيناريو بين شخص غنى يسكن فى حى راقى ومتمكن وأخرى تسكن فى حى فقير تعانى الفقر والجوع والإضطهاد وكان هذا الحوار :
... أحد الشخصيات ( بثينة ) عايزه تهاجر لأنها كرهت بلدها :
. . زكى - شكلك كده عايزة تسافري ؟!
.. .. بثينه = ياريت
. . زكى - عايزة تسافري فين ؟!
.. .. بثينه = أي حِتة بعيدة عن المخروبة دي
. . زكى - بتكرهي بلدك ؟!
.. .. بثينه = وأنا شوفت منها حاجة حلوة عشان أحبها ؟!
. . زكى - بثينة إنتي فعلًا فقيرة بس الفقر عُمره ما كان ليه علاقة بالوطنية
.. .. بثينه = وطنية إيه يا زكي باشا ! ، هو أنا لوحدي اللي عايزة أهج ؟! ، ده كل الناس ، عارف الدنيا لو كانت زي زمان ، زمان أوي ، قبل ما يخترعوا الجوازات والتأشيرات كان كل أهل البلد خدوا في وشهم وسابوها
. . زكى - اللي مالوش خير في بلده مالوش خير في حد
.. .. بثينه = عشان حضرتك عايش فيها باشا ، أنت إيه مشاكلك؟! ، الست أختك متخانقة معاك ؟ ، وإيه يعني ، الدور والباقي على اللي مش لاقيين ياكلوا ، على الناس اللي دايرة تدور
على شغلانة ومحدش معبرها ، الناس اللي مستحملة الذل
والإهانة سواء وهي قاعدة ولا وهي ماشية ، أصلك بتمشي في شارع سليمان بس ، أخطف رجلك لأي حِتة تانية وشوف
اللي بيحصل ، ياباشا بلدنا بقت قاسية أوي على أهلها عشان
كده الكل عايز يسيبها مش كُره فيها ، بس محدش قادر يتحمل ظلمها
... لاتعليق ...
... سيناريو آخر :
... كمال بيه من أرباب المناصب والسلطة ويريد مشاركة عزام ( بدون مقابل ) رجل أعمال وثرى فرفض عزام ، استغل كمال بيه سلطته ولفق له قضية مخدرات وكان هذا الحوار بين كمال من ( السلطة ) مع عزام رجل الأعمال ( رأسمالية وطنية ) :
. . كمال : اقعد ياعزام ، اللوا حمدى قالى إنك إعترفت قبل ما يلاقوا المخدرات
.. .. عزام : لأنهم كانوا هيلفاقوها
. . كمال : هههههه علشان تعرف إن إحنا عارفين عنك كل حاجة ، ياعزام لاتوكيلات العربيات ولامحلات الجزم تعمل كل الفلوس دى ، إحنا عارفين عنك كل حاجة من الأول ، وبعدين ماالملف بتاعك مليان فيه كل حاجة ، هنعمل إيه
.. .. عزام : أنا جاهز علشان امضى العقد
. . كمال : فى بنود إتعدلت
.. .. عزام : موافق طبعاً
. . كمال : على فكرة انا شوفت الصور بتاعتك ، ياأخى مباحث المخدرات مابتصدق تبقى متأكدة من حاجة تاخد بقى معاها الصحفين
.. .. عزام : وهيه الحكاية ناقصة فضيحة
. . كمال : لأ ما خلاص انت بعد ماكلمتنى كله بقى تمام
.. ..عزام : طب هنعمل إيه علشان نخلص من المصيبة دى؟!
. . كمال : ما خلاص خلصنا خلاص ، عبوات الهيرويين بعد ما فحصوها طلع إنها بودرة تلميع عربيات ، 50 % ياعزام !! ، تروح مكتب إبنى علشان تمضى العقد
.. .. عزام : كمال بيه ، مبروك علينا الشركة
. . كمال : الله يبارك فيك
.. ..عزام : إحنا الإتنين شركا فى كل حاجة ، مش كده
. . كمال : هههههه
.. ..عزام : صدق اللى قال ارقص للقرد فى بدلته ، مفيهاش حاجة لما قرد يرقص لقرد زيه
... لاتعليق ...
... وبعد فترة أراد كمال أن يرفع نسبة المشاركة لأن عدد الشركاء زاد طبعا وبدون مقابل وكان الحوار التالى :
... حوار ثالث بين كمال وعزام حينما أراد كمال أن يرفع نسبة المشاركة فى العقد ورفض عزام :
. . كمال - فيه عندنا مثل بيقول الل يطلع البغل المدنه هو الل يقدر ينزله
.. .. عزام - البغل ؟! الكلام ده معناه ايه
. . كمال - الكلام ده معناه زي مادخلتك المجلس اقدر اخرجك منه وبفضيحة لو عايز
.. .. عزام = تهديد ده ياكمال يا بيه ؟! بس انا مش صغير عشان اتهدد منك أو من غيرك
. . كمال- الله ، الله ! ، ده احنا حيلنا اتشد اوي ، اوعى تكون مركون على الحصانة ، ده انت تبقى راجل طيب اوي ، ده في جلسة او جلستين في المجلس يطيروها منك واللي على راسه بطحة
.. .. عزام = لا انا راسي سليمة
. . كمال - طب ده انت فيه في كل حتة في راسك بطحة ، أقولك كده على خربوش صغير في وشك ، إنت عملت إيه في التجنيد ؟! الملف بتاعك مفيهوش ما يثبت إنك أديت الخدمة العسكرية
.. ..عزام=وفيها ايه لو سبت المجلس
.. .. المجلس اللي خد مني انا مخدتش منه حاجة
. . كمال - إنت من غير المجلس هتبقى عريان في شارع زحمة ، سبق وقولتلك ياعزام أنا مش لوحدي أنا مندوب ، ووالله أنا أطيب واحد فيهم
... لاحول ولاقوة إلا بالله العلى العظيم
... احبابى : أيه اللي بيحصل في العالم ده وسببه أيه وعلشان ايه ؟!
... اللي بيحصل في العالم هو صراع علي السلطة والمال
... يعتقدون أن من يمتلك السلطة والمال يمتلك العالم أجمع ، كل دولة محتاجه تكون الأقوي وتسيطر ، يعني كل مشاكلنا دي والمشاكل اللي بيواجها العالم سببها البحث عن السلطة والمال ، حب المال بيخلينا انانيين وطماعين ودي أمراض سلوكية ونفسية محتاجة علاج
... حبنا للمال ممكن يوصلنا أننا نقتل ونخون ونبيع وندمر أي شئ فى سبيله
... الكل بقي مقتنع للأسف ان السلطة والمال هما سبب السعادة والقوة وبيخلوا الناس تحترمك أو تخاف منك ، الكل بيبحث عنه
... فلسفتهم إن من يمتلكهم يمتلك ، الأيام والحياة ، من يمتلكهم يمتلك السعادة والقوة وتحقيق الأحلام ، من يمتلكهم يمتلك العالم أجمع
... لإمتي هيبقي ده تفكيرنا ؟!
... هل هناك علاج نواجه بيه التفكير ده
، إزاي الإنسان يعرف إنه بياخد حق مش حقه وإن الشي ده مش بتاعه
... صراع أبدى بين الخير والشر ، من سينتصر الخير أم الشر ؟!
... هل المحبة والتضحية ممكن تغير القلوب وتفتح الأعين ؟!
... دايما كنا بنسمع إن اللي قلبه أبيض بيكون ساذج وينضحك عليه ، هل فعلا الجملة دي صح ، أم سينتصر القلب الأبيض بالمحبة والتضحية؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق