================
جارَ الزمانُ وما إخالُكُ تفهمُ
أنَّ الليالي في رضاها العلقمُ
كم من جراحٍ تعتريكَ وأنت لم
تشعرُ بها، والمبتلى لا يفهَمُ
ساقَت ليالي الدهرِ ألفَ مصيبةٍ
فرضيتَ والأحشاءُ منكَ تألَّمُ
ورضيتَ بالذلِّ المقيتِ تحسُّباً
مما يقالُ وما حسبتُكَ تعلمُ
والهمُّ عندَكَ قد تورَّمَ في الجوى
والشعرُ شابَ وأنتَ في ذا تكتمَ
واستضعفتكَ الحادثاتُ بأهلِها
حتى جفاكَ الأقربونَ وأبهموا
كم عيّروكَ وما نطقتَ بِكِلمةٍ
كم هاجموكَ وفي قفاكَ تكلَّموا
وبقيتَ تحيا الصمتَ جرحُكَ نازفٌ
والدمعُ في عينيكَ سيلٌ عارمُ
لم يعلموا أنَّ التكتُّمَ نعمةٌ
والنطقَ جرمٌ قد يميتُ ويقصمُ
ولعلَّ صمتَكَ جاءَ في تغريدةٍ
وبحكمةٍ فيها القدامى تمتموا:
(لايسلمُ الشرفُ الرفيعُ من الأذى
حتى يراقَ على جوانبِهِ الدمُ)
الصمتُ طالَ وأرَّقَتكَ مواجعٌ
ومدامِعُ وقرابةٌ وتخاصُمُ
وجوارُ سوءٍ لا تراعي خاطراً
وحماقةٌ من صادقٍ لا يرحمُ
وأخٌ يجورُ عليكَ في احكامِهِ
ويطيعُ زوجاً في الجفا تستعلِمُ
وجريمةٌ باسمِ العفافِ يقودُها
من كانَ في بحرِ الخنا يستزلِمُ
والصمتُ يختزلُ المشاعرَ كلَّها
حتى يقالَ : بأنَّ سِرَّكَ أعظمُ
في عصرِنا عصرِ التحرُّرِ كم بكت
عينُ التقى وشكا حياها العالمُ
ترجو الخلاقَ وما ترى آثارَه
لكن ترى ناساً لخيرِكَ تهدمُ
فإذا دعوتَ إلى العفافِ تكلموا
فيما تصونُ من العفافِ وأبهموا
وإذا دعوتَ إلى المكارمِ خالفوا
وإذا مشيتَ إلى الهدايةِ أوهَموا
ما من معينٍ في الشدائدِ بينَهم
بل لا ترى إلا المكائدَ منهمُ
فأراكَ تصمتُ والمواجعُ جمّةٌ
والصمتُ في تقديرِ شخصِكَ أسلمُ
يا جرحَ أهلِ الصدقِ كم أوجعتَهم
لكن أتدري، من سواكَ سيؤلِمُ؟
فالجرحُ في صمتٍ أخفُّ من الذي
يحكي فتذبحُهُ الظنونُ وتُعدِمُ
====================
د.جميل أحمد شريقي
( تيسير البسيطة)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق