الجمعة، 7 يونيو 2024

أحلام اليقظة بقلم علوي القاضي

-(#)-أحلام اليقظة-(#)-
بقلمي : د/علوي القاضي.
... لشدة إلتصاقي بوالدي رحمه الله ، وملازمتي له معظم وقته ، بعد وفاته كان يروادني شعور دائم ، بأني سأقابل أبي قدرا ، وبين صفوف المارة في الطريق ، وكنت أحدث وأمني نفسي ربما سيزورني في مقر عملي أو في عيادتي فجأة ، ويخبرني أنه يريد أن يطمئن ، وكان عندي قناعة أنني سأقابله حتماً ، قبل رحيلي من هذه الدنيا ( رغم رحيله ) عن دنيانا ! 
... كانت هذه قناعتي ، قد يحكم القارئ علي بالخبل ، إن كان قاسيا ، وإن كان رحيما سيشفق على ، ولكني كلما تمر الأيام يزداد إحساسي أنه لم يرحل أبداً ، فكنت أراه في كل ركن من أركان البيت وعلى كل مقعد كان يجلس عليه ، صورته في عيني ، صوته في اذنى حكمته لاتفارق عقلى ووجدانى ، رحمه الله كان مدرسة تعلمنا فيها الكثير ، ماإن زارني يوما فى منامي إلا وصحوت ودموعي غسلت فراشى
...من شدة شوقي إليه لم أطاوع نفسي لأقبل فكرة أنه ذهب إلى الأبد ، إنما إختفى لفترة ( كحيلة الأهل الدائمة ) التي يخبرونا بها ولايفعلونها ، دوما يرددون ( سنرحل ولن تجدوا لنا طريقاً ) ، ربما هذة المرة أراد أن يرحل ليختبر شوقنا إليه ، فرحل لفترة وجيزة ، وسرعان ماتنتهي كما تنتهي مواسم العام ، وكما تنتهي رحلات الهجرة بالوصول ، وكما ينتهي الليل ببزوغ ضوء النهار 
... كنت قريبا من أبي بالقدر الذي يجعلني بعيدا عنه ! ، قريباً منه ولست قريبا من عالمه الخاص ، وكان يدهشني في وسط جلسات السمر معه أن يخبرني فجأة وسط الضحكات ( يابني لاأريدك أن تيأس ) ، كيف شعر بأني أداري اليأس بالنكات ؟! ، إنها الشفافية ، أنا وهو ، تقتلنا قلة البوح وتغلفنا شرنقة الحياء ويحيطنا الصمت
... كنت أنتظر أبي ، في الصباح ، وفي الظهيرة ، وحين دلوك الشمس ، وفي غسق الليل ، ووقت الأصيل ، ومن قبل وقت السحر إلى بلوغ الفجر 
... أنتظره كسراب و( أنا أعلم ) يحسبه الظمآن ماء ، وأعرف أنه لو لم يأتِ فقد أتى ، لطالما جاء في موعده بلا تقصير 
... ولكن روحي وقلبي كانا يهاتفاني أنه لم ولن يعود ، فتمنيت من الله أن أنتظر لقاء أبي عند عتبات الدار الآخرة ، فكل الظن أنه أخيرا يجلس هناك مرتاحاً مبتسماً مطمئناً ينتظر أن يلقى الأحبة ليدلهم على الطريق ، تلك كانت عادته في الدنيا ، كان يحب أن يرشد الناس إلى الطريق الصحيح وهذه كانت رسالته والعلماء ورثة الانبياء ، وكاد المعلم أن يكون رسولا 
... أنتظر أبي رغم أنه لم ينقطع عن زيارتي يوماً في أحلامي ( أحلام اليقظة ) ، فكيف للنفس أن تفتقد من لم تفارقه ؟؟!! 
... هذا سؤال جيد يحتاج إلى نظر
... تحياتى ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

صباح الأمل بقلم فتيحة المسعودي

  صباح الأمل  صياح ديوك مرتفعة  .. ترمز للتفاؤل والأمل .. نقنقة دجاج مختلفة .. توحي للجد والعمل .. كل التحايا موصولة .. بمذاق الشهد والعسل.....