ماتت زوجته فلم يصدِّق
وقام بوضع ملابس لها على الأريكة ؛
وجلس قربها صامتاً حزيناً
=================
أهوَ الجنونُ أم انَّهُ الحبُّ النَّقي
أم أنَّهُ معنى الوفا بالمُطلَقِ؟
هذا العجوزُ على الأريكةِ صامتٌ
و حيالَهُ ثوبٌ لجسمِ مُفارِقِ
أرخى القميصَ على الأريكةِ تحتَهُ
تنورةٌ وحذاءُ وَجدٍ صادقِ
فكأنَّ صاحبةَ اللباسِ جوارَهُ
مُصغٍ لها حتى وإن لم تنطقِ
هو لم يُصدِّق موتَها ورحيلَها
هي قربَهُ، وهُما حكايةُ عاشقِ
كم حاولوا إقناعَهُ برحيلِها
وبأنَّهُ أضحى وحيدَ المنطقِ
لكنَّهُ ينفي فهذا ثوبُها
والطيفُ داخلَهُ يجسُّ مَرافِقي
ذا صوتُها في مَسمعي لمساتُها
في أضلعي،في خافياتِ خوافقي
بسماتُها مرسومةٌ في ناظري
والبيتُ يثملُ من شذاها العابقِ
من قالَ : إنَّ حبيبتي ليسَت هنا؟
من ذا الذي يُخفي طباعَ مُنافقِ؟
هي لم تمُت ، هيَ ها هنا
يا أيُّها الأعمى. ألستَ مُصَدِّقي؟
مَن يقنعُ الرجلَ العجوزَ بموتِها ؟
وهيَ الحبيبةُ في المثالِ الأعمقِ
خمسونَ أو ستّونَ عاماً قد مضَت
وكلاهُما كمُوافِقٍ لمُوافِق
عاشا الشبيبةَ والصّبا وصبابةً
اِثنينِ إذ رُزِقا بِنَبتٍ رائِقِ
تَعِبا بتربيةِ البنينِ وأُختِهم
حتى استووا زرعاً ونعمةَ مُتَّقي
شبَّ البنونَ تزوَّجوا وتفرَّقوا
طبعُ الحياةِ تَفرُّقٌ بتَفرُّقِ
والبنتُ قد صارَت أسيرةَ زوجِها
والدارُ تخلو من ضجيجِ ملاعِقِ
عاشا الكهولةَ بعدَ عهدِ شبيبةٍ
إثنينِ عادا في وفاقٍ لائقِ
وتكاملا كالجانحينِ لطائرٍ
إلفانِ في عُشٍّ خلا لِتوافُقِ
كالعاشقينِ تعوّدا بنِقارِهم
قهرَ الفراغِ بضحكةٍ وتلاصُقِ
كالطائرِ المعشوقِ لفَّ جناحَهُ
بجناحِها وغفا بمهجةِ واثقِ
وَصَحا وسهمُ الموتِ نالَ وليفَةً
فبكا وناحَ وصاحَ بينَ خلائقِ
الموتُ صعبٌ والفراقُ حقيقةٌ
والقلبُ يجزعُ من وميضِ حقائقِ
وعلى الأريكةِ شائبٌ يغتالُهُ
حزنٌ عميقٌ قربَ طيفٍ مارِقِ
وثيابُ راحلةٍ يراها قربَهُ
وفيوضُ دمعٍ في الخدودِ كَفالِقِ
والصمتُ يُحكمُ قيدَهُ وحقيقةٌ
تُنبي بأنَّ الشيخَ غيرُ مُصدّق
أترى أصبنا في القراءةِ يا (مها)؟
أم أنَّ هذا الحزنَ من فِعلِ (التقي)؟
====================
بقلمي
د.جميل أحمد شريقي
( تيسير البسيطة )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق