قصة رومنطيقية "الفانتازيا في الأدب"
درب خيلان
كانت خيلان تظن أن العشق الأبدي وحده كافِ
ليبحر بأي علاقة قابلة للإنتهاء ،
لكنها أخطأت في ذلك كثيرا،
أدركت بعد ذلك كل العناء
بأنّ حياتها الجميلة ليست
صامدة إلا عن الحب
و العشق
بل فهي تستحق أن تكون حياتها مليئة بأشياء
أعظم
و أحلى من الهوى الذي يقتحم قلوب
العشاق
و المغرمين ربما يترك
لهم بعد ذلك جراحا
و ندوبا نفسيّة لا يعالجها
الوقت
و لا الزمان
و لا المكان ،
فالزمن الذي ترعرعنا فيه منذ صغرنا
علمنا أجدادنا
من القصص الجميلة أن القوي
يتغذى من
طيبة
و سذاجة الشخص الطيب
فلا يمكن أن نقول عن الشخص الطيب بأنه ضعيف
بل الشخص الأقوى دائما يصنف
الطيبة من أصناف الأشخاص الضعفاء...
إختارت خيلان أن تخرج من أعماق البحر
و ترحل عن من سبَّبَ لها المتاعب
و الوجع،
قررت الإبتعاد من عالمها الخاص بها عالم
البحار
و هاجرت إلى المحيطات
و أخذت صخور البحر مأوى لها.
إنّ الألم مهما كان قاتلا فلا يكون شبه أن يقوم شخصا
بإستغلال مشاعرك الطيبة الحقيقية
و من ثم يتركك تنغمس في أهاتك
و أحزانكَ بمفردكَ
فطعم مرورة الحقيقة الزائفة تقتل
صاحبها مليون مرة حين يكتشف
الآخر أن القصة كانت مجرد خداع
لا وجود أزلي للحب الصادق...
تلك"إبنة البحر " تستحق شيئا مختلفا
أكبر من مجرد أحاسيسا كاذبة
يمكن أن تتكون هذه الساعة بأكبر كذبة
في تاريخ البشرية
و تنتهي في المساء التالي...
فهمت هذه "أميرة البحر" أنّها تستحق من يفهمها
في كل حالاتها
يحتمل مزاجيّتها
و نوبات الهلع
و غضبها
و خوفها من الماضي
و المستقبل
و نفسيتها المتقلبة...
فهذه الأميرة صاحبة الخلق
و الأخلاق
راقية في كل تفاصيل حياتها مليئة بألوان البهجة
تتحول في بعض الأحيان إلى فراشة
و تطير بأجنحتها إلى عنان السماء
تبحث عن توأم روحها الذي
سيجعلها ملكة الملوك
عوض عن أميرة صغيرة
تريد من نصفها الثاني أن يكون لها سندا
لا يحرج من تفاصيلها الطفولية
التي لا يتحملها أي شخصا إلا شخص
أرادها ملكه
و شخصا يكون مرآتها فيرى فيها
محتواها
و جوهرها الألماس الذي لايراه غيره..
إنها دمية في تفاصيل جمالها
و فراشة في عمق كيانها
تنتظر من الحياة أن تقدم لها هدية عيد على ما صار
في حياتها في الماضي
و ربما يبعث لها القدر شخصا مختلفا يعوضها
عن أحزان الماضي الأليم
شخصا في صندوق هدايا الأقدار،
شخصا يراها أمه أولا،
و حبيبته ثانيا،
و طفلته المدللة ثالثا،
فتشعر
و هي بين مقلتيه
بالدفء
و الأمان
و الرحمة
و بحنان فؤاده عليها...
إختفاء خيلان كان أمرا في غاية الصلاح
لأنها إكتشفت أخيرا
و بملئ إرادتها
أنّ حبيبها القرش لم يكلف نفسه حتى
بالبحث عنها
و معرفة أخبارها
بل أدركت بإختفاءها لأشهر
أنّها لم تخسر عشقا،
بل خسرت حياتها وهي مع شخص لا يقدر قيمتها
و ضيّعت عُمُرًا من الزمن في محاولاتها للمحاربة
على شخص لا يريدها بل كان يتلاعب
بمشاعرها
و لا يشبهها في أيِّ شيء
فهي شخص عندما يعشق
يعشق كالمجانين الذين في مستشفى الأمراض
العقلية
و عندما تحب
تحب بقوة ما لديها
و هي تسقي بقية الناس ليزهر عالمهم
معها
هذه هي إبنة البحر .
لكن خيلان كانت صاخبة في مشاعرها
شبه صخب البحر
فلم يكن هناك أمل من الإنسجام
و لو قليلا مع حبيبها القرش
لأنه
هادئ في أحاسيسه
و مشاعره، مستقرّ مثلج تجاهها
و هي قوية في مشاعرها معه بل
شبه قوة أمواج البحر المتلاطمة
فلا ينسجم الحب الصاخب
مع الحب الساكن لذا كان آخر طريقهم هو الفراق
" فإبنة البحر " كيانها عبارة عن موسيقى صاخبة
لا تتحمل نفسيتها الهدوء
فهدوء حبيبها سبّب لها التوتر
فهذا السبب هو الذي
جعل منهما كل شخص يرحل عن الآخر.
الكاتبة. إيمان بوغانمي /🇹🇳 تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق