رؤية : د/علوي القاضي.
...نعرف جيدا أن الدول تبنى وتؤسس في مجتمعات منفصلة وكل مجتمع تحكمه عادات وتقاليد وتربط أفراده علاقات تعكس الفكر المجتمعي والثقافة الموروثة لكل مجتمع ، ومن الشائع دائما أن أفراد كل مجتمع لايستطيعون الخروج على تلك الأفكار والثقافات مهما كان مستواها ، ومن ذلك نجد أن المجتمع البدوي القبلي يختلف عن المدني الحضري ويختلف عن الريفي أو الشعبي ويختلف عن الساحلي ، فكل له عاداته وتقاليده وطباعة وموروثه الثقافى ، ودائما يحدث الصدام الثقافي الفكري إذا تعارضت المصالح بين أفراد هذه المجتمعات المختلفة ، ويظهر ذلك جليا حينما يضطر أحدهم للتعامل مع مجتمع غير مجتمعه الذي نشأ فيه ، مثلا في حالات الزواج أو التعليم أو التجارة أوشئون الحياة
... وأحيانا ضغوط الحياة والظروف الإجتماعية تدفع الأفراد إلى التنازل عن مبادئهم وعاداتهم وتقاليدهم وتبعدهم عن إتباع القطيع حتى لو كان ذلك يؤدي إلى الهلاك ، فلاتلوموا أحداً إذا رأيتم أولاده خرجوا عن القطيع وأصبحوا على غير تربيته وتمردوا على موروثهم الثقافي ، ولاتسخروا منه بحجة أنه قصّٓر في تربية أولاده ، فإذا رزقك الله بأبناء صالحين فاحمد الله واشكره ، ولاداعى للإفتخار بأنك أحسنت تربية أولادك وغيرك لم يحسن ، فأبونا (آدم) عليه السلام لم يقصّر في تربية ولديه ، و (نوح) عليه السلام لم يقصّر فى تربية أبنائه ، و (يعقوب) عليه السلام لم يقصّر في تربية أبنائه ، كل مافى الأمر (اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)
... فخير البشرية محمد صلّ الله عليه وسلّم رباه جده وعمه (الكافران) ، وفي النهاية مدحه ربّه ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، مايجب أن يكون هو كيف للفرد أن يتعامل مع هذا الصراع المفتعل من شياطين الإنس والجن لكى يخرج سالما منها
... فى حياتنا دائما هناك رسائل وإشارات علينا أن ننتبه لها ولا نتركها تمر مرور الكرام بل لابد أن يكون لدينا وعى بها نقرأها بعين القلب والعقل معا هذه الرسائل ، فبعضها يوجهنا وبعضها يصحح مسارنا ، وبعضها يقوينا ، وبعضها ينير لنا ما لا نراه ! ، (العالم مكان أفضل عندما نتعاون ونتعاون ، وليس عندما نتشاحن وننتقد بعضنا البعض) ، (الدنيا لامانع من الإستمتاع بها ولكن يجب ألا ننسى هدفنا الأكبر وهو الآخرة) ، (لاشيء تغير مند خلق آدم إلى يومنا هذا) ، إذا ماهي الفكرة والحلول المناسبة للجميع ؟!
... أكثر مايكرهه أفراد القطيع في المجتمعات المنغلقة على نفسها هو إنسان يفكر بشكل مختلف ، إنهم لايكرهون رأيه في الحقيقة ، ولكن يكرهون جرأة هذا الفرد على إمتلاك الشجاعة للتفكير بنفسه ليكون مختلفًا ثم يحاول أن يخرج عليهم وينسلخ منهم
... وكان للفلاسفة ٱراء في هذا المضمار :
... يقول (آرثر شوبنهاور) ، سيقولون عنك إنسان عاقل وصالح ، فقط عندما لاتنتقد مايعتقدون وعندما تكون نسخة منهم ، لأن الناس لاتتصالح أبدًا مع من يريد أن يكون نفسه ، ويملك مصيره بيده ، لأنه يهدد ذلك الإستقرار وتلك السكينة التي صنعوها ، لطالما كان الإنتماء هو المكافأة لمن يتنازل عن حقه فى التفكير
... وكان ل (جان بول سارتر)
رأيه ، فيقول دائما مايغضب الرعاع من شخص يضع معايير فردية وخاصة جدًا لوجوده ، بسبب التعامل غير العادي الذي يمارسه هذا الشخص مع نفسه ، يشعرهم ذلك بالتدهور والتراجع الى مكانتهم الأصلية ككائنات عادية
... ويقول (نيتشه) ، وأنت تخوض حربك المزعومة للتحرّر من قطيع معين ، إحذر الإلتحاق بقطيع آخر دون شعور ! ، ويقول أيضا ، العقل الحر الذي لم يتعوّد على تبعيّة أحد ، يُحدث ضجيجاً في أي مكان يتواجد فيه ! ، ويؤكد أن ، على الفرد دائمًا أن يقاسي ليبقى حرًا من هيمنة القطيع ، ستكون وحيدًا وأحيانا خائفًا ، لكن الثمن ليس غاليًا في مقابل أن تمتلك نفسك
... وإلى لقاء في الجزء الثاني إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة
... تحياتي ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق