تُعتبرُ الأمومة نعمة كبرى أنعم بها المولى جلّت قدرتُه على مخلوقاته ومن بينها الإنسان.وقد أوْصى ربّنا جلّ جلاله بالإحسان للوالدين والبرّ بهما وطاعتهما في ما يُرضي الله عملاً بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.
ومعلومٌ أنّ صغير الإنسانِ يولدُ ضعيفاً وغير قادر على شيئ.فهو في حاجة إلى حوْليْنِ من الرّضاعة كما أنّه محتاج لرعاية دائمة وعناية خاصة تمكّنه من العيش بسلام وبعد فطامه تأتي مرحلة الطّفولة التي يكون فيها في أمسّ الحاجة لتربية وتعليم يُعِدّانه لإكتساب الوسائل والآليات والمعارف التي ستعينهُ على مواجهة مطالب الحياة عقليا وحركيا وعاطفيا.كلّ ذلك تتحمّلُ مَشَقّتَهُ الأمّ .والأمُّ مدرسةٌ إذا أعْددْناها أعْددْنا شعبا طيّبَ الأعْراقِ.وهذه القصيدة أقدّمها تكريماً لكلّ الأمّهات اللّواتي حملنَ هذه الأمانة بكلّ محبّة وتفانٍ ووفاء سائلاً بديع السّماوات والأرض أنْ يرْحمْهُما كما ربّياني صغيرا
أمّي
فقَدْتُ وُجودَها فَبَكَتْ عيوني
وَمِنْ فُقْدانِها امْتَلأَتْ جـــــفوني
وفي أمّي وَجَدْتُ الحُبَّ طُهْراً
وَحِصْناً فاقَ مُخْتَلَفَ الحُصونِ
لَقَدْ حَمَلَتْ مَعي حَمْلاً ثَقيلاً
وزارَتْني بِمُخْتَلفِ السُّجـــونِ
وَلي في رَحْمَةِ الرَّحْمانِ خَيْرٌ
وما أَجْراهُ يُدْفَنُ فـــي القُرونِ
فيا أُمّي دَفَنْتُكِ في فُؤادي
وَلَنْ أَنْساكِ مَهما طالَ سِـــنّي
غَدَتْ أُمّي مَلاكاً في خَيالي
وَقَدْ رَحَلَتْ فأظْــــــلَمتِ اللّيالي
وجاءَ المَوْتُ كَيْ يُنْهي حَياةً
لِاُمٍّ ناضلتْ من أجْـــــلِ حالي
حَمَتْني حينَ ضَمَّتْني بِحُبٍّ
تَعَطَّرَ بالأُمومَةِ في الخِــــصالِ
سَعادَتُها أَظلُّ بِكُلِّ خَيْرٍ
وأَعْملُ صالِحاً بَيْنَ الرّجـــالِ
فَيا غَفّارُ بالغُفْرانِ يَسِّـــرْ
فَعَفْوُكَ رَحْمَةٌ يا ذا الجـــلالِ
أُعَزِّزُ بِالرّضا صَبْري عَلَيْها
وَكانَ مُبرّراً شَوقي إليـــــها
سَقَتْني بِالمُبارَكِ مِنَ رِضاها
وَضاعَفَتِ العَــطاءَ بِما لدَيْها
أُقَبِّلُ رَأْسَها عِشْقاً وَحُبّاً
فَأشْعُرُ بِالمَسَرَّةِ مـــن يَدَيْها
وما لي كيفَ لا أَبْكي كَثيراً
وأُدْرِفُ أَدْمُعي حُزْنا علَــيْها
سَيَبْقى حُبُّها في القَلْبِ حَيّاً
وَقَدْ ظَلّتْ تَــــجودُ بما لَدَيْها
إلهي أنْتَ خَيْرُ الرّاحِمينا
وأنتَ اللهُ ربُّ العالمــــــينا
أتَيْتُكَ ساجداً عَبْداً ذَليلاً
وَرَأْسي في الثّرى طَرَحَ الجَــبينا
رَجَوْتُكَ والرَّجاءُ لِسانُ حالي
وعَفْوُكَ رَحْمَةٌ للِسّائِلــــــينا
فأَنْتَ اللهُ والرَّحْمانُ أَنْتُمْ
ولا أحداً لِعِزَّتِكُمْ قَريــــــنا
وقدْ عَلِمَ الجميعُ بما سَنَلْقى
إذا الأجَلُ انْتَهــى حَقّاً يَقينا
محمد الدبلي الفاطمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق