الجمعة، 21 نوفمبر 2025

تحرر بقلم سعاد جكيرف

تحرر
وأنا أتصفح ألبوم صور عمري و ذكرياتي،وجدتني ودون شعور مني أفتح تلك الرسالة المهترئة المخبأة خلف صورتي وأنا عروس بفستاني الأبيض أتأبط ذراعه بيد، وبأخرى أمسك بيد أمي عساني أستمد منها القوة لأخفي رهبتي من ولوجي عالما ماتمنيته قط في حياتي...
فتحتها بحذر،فانبعثت منها رائحة العث، وبصعوبة،رحت أقرأ كلمات تاهت حروفها في طيات الزمن كما تهت أنا في دروبه الوعرة...
رفعت رأسي إلى مرآتي،صديقة عمري،كاتمة سري وآهاتي،ورحت أتأمل هذا الوجه العابس والشعر الأشيب،مرّرت يدي على تجاعيد خطت دربها ببراعة- أحسن مني- تحسست رقبتي، وتلك الندبة التي خلفتها عملية استئصال الغدة الدرقية لورم أصابها،رغما عني أطلقت زفرات حزينة ذكرتني بذلك اليوم،وأنا أرقد بالمستشفى،بين الحياة والموت،وقف شامخا أمام الباب،نظر إلي شزرا ووضع ظرفا فوق الطاولة ومضى...
لغبائي،ظننتها تكاليف العملية،ابتسمت في داخلي وقلت،رغم أنه لا يحسن التعبير عن حبه،إلا أن تصرفه هذا يترجم الكثير...
دخلت أمي،وهي تجر خيبات السنين معها،أمسكت بيدي،وضغطت عليها بقوة،ذكرتني بيوم عرسي وقبل أن أبادرها بالكلام ،قالت:وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا،،مختار قد....
-طلّقني!! أ هذا ماتريدين قوله؟! وذلك الظرف هناك، هو وثيقة تحرري،،أليس كذلك ؟!
 أ لم يكفه إهماله لي طوال فترة مرضي،أ لم يكفِه زواجه من أخرى لعدم قدرتي على الإنجاب،بسبب مضاعفات الحمل على صحتي؟!أ لهذه الدرجة هانت عليه العشرة؟!صمتت لبرهة،تنفست بعمق الجرح الغائر في الفؤاد والجسد،ثم ابتسمت واسترسلت: أ تعرفين يا أمي:رغم كل مطبات الحياة التي آلمتني وأوجعت روحي المكلومة،إلا أنني راضية،لأن مصيري بيد رؤوف رحيم،وليس بيد أحد...
يقطع حبل ذكرياتها،طرق خفيف على الباب...
-اُدخل،قالتها وسارعت بإخفاء الوثيقة،كفكفت عبرات حارة،ذكرتها بخيبات الماضي، رسمت على شفتيها ابتسامة مفتعلة،ووضعت الألبوم في مكانه الدائم "الدرج المنسي"كما يحلو لها تسميته،درج ترمي فيه كل مالا ترغب في مصادفته...
- هل أنت بخير غاليتي؟ قالها وطبع قبلة محب على جبينها،أخد مشطها العاجي، وبدأ في تسريح شعرها...
       
                      بقلمي: سعاد جكيرف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

إلى من سألني بقلم عبدالرحيم العسال

اخميمي ( إلى من سألني : هل انت اخميمي؟)  =========================== نعم يا عم أخميمي. وكم ازهو به وطنا لنا إرث وتاريخ. ونيل...