في أحد الأركان المهجورة من "فَن المشاعر"، حيث يُلقى كل ما هو هشّ، كانت زينب تقف. لم تكن تبحث عن اعتراف، بل كانت فقط تعيد ترتيب شتات ما رآه الآخرون ضعفاً.
كانت الضربة الأولى قاسية، كحجر سقط في بئر عميقة. لكن على سطح الماء الذي اضطرب للحظات، لم ترَ زينب انعكاس وجعها، بل رأت حبر القصيدة الجديدة.
في كل مرة كانت تُلفظ، كانت تكتب بيتاً. لم يكن الأمر سهلاً، كانت كل كلمة تكلفها جزءاً من الروح، لكنها كانت تدرك أن الألم هو اليد التي تفتل حبل النجاة.
في تلك الليلة الباردة، فتحت دفترها القديم، ووجدت أن صفحة واحدة لم تعد تكفي، بل إن كل صفحة في حياتها أصبحت فصلاً كاملاً من القوة. أخذت قلمها الأبيض، قلمها الذي لم يعد يحمل سوى نور القلب، ولم تكتب عن مرارتها.
بل كتبت عن: الرحمة التي لم يمنحها إياها العالم، فمنحتها هي لنفسها.
وكتبت عن: الشجاعة في النهوض دون طلب مساعدة.
وكتبت عن: الصدق الذي جعلها حقيقية جداً، لدرجة أن المشاعر الهشة لم تستطع احتواءها.
وحين أشرقت الشمس، لم يكن هناك أثر لـ"ظلّ القصيدة الأخير". كان هناك نور يسطع، نور أدرك الجميع فجأة أنه ليس ضوء الشمس، بل هو نور زينب.
#بقلم ناصر ابراهيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق