#الحلقة_الثالثة_
زهرة الجثة
( أقسى السجون تلك التي لا جدران لها )
كانت المسافة التي تفصل زنزانة موعود عن شرفة القصر لاتساعده على تحديد ملامح وجه تلك الفتاة التي تجلس وهي غارقة في نشوتها الغريبة . تلك النشوة التي تفصلها تماما عن لهب هذا العالم القاسي . العالم الذي لايعترف بأحلام البسطاء ولا بمقدراتهم . كانت الرغبة تملؤ صدر بموعود بأن ينادي اعاليها من الاسفل ولكن مازالت كلمات الحارس ترن في إذنه في تجنب إصدار اية جلبة ربما قد تعرضه للركل من اقدام لايعلم من اي غابة اتت ولا لحساب من تعمل .
من الاشياء التي كان يتحلى بها موعود هو قدرته الهائلة على الفلتان من جاذبية هذا الكوكب القاسي والتحليق بعيدا حيث حرية الحركة والقفز والغناء . هذه الغرفة الصغيرة لاتقوى على الوقوف بوجه تثاؤب اجنحة موعود .
ربما يكون إسم ( دنيا ) هو الاسم المناسب لتلك الفتاة . نعم ففيها من الدنيا شبه كبير دنيا المترفين لا دنيا موعود وقومه .
ولكن لا بد ان يكون وراء إبتسامها الدائم هذا اسبابا كثيرة لاسبب واحد فحسب . وهنا توقف موعود عن مبادلة تلك الفتاة الإبتسامة . فليس من المنطق ان تبادل شخصا تراه ولايراك نفس الابتسامة بنشاطها وحماقتها وجنونها ومن يعلم ربما يكون وراء ضحكات ( دنيا ) حزن كبير . فالحزن عندما يستشري بمفاصل الروح ويتشعب بازقة الوجدان يكون الضحك الكثير لاتفه الاسباب احد اول اساليب مجابهته .
نسي موعود الكف التي صفعته صباحا في الشارع وبدا يفكر بالكف التي يراها الان وهي تنزع السماعات وتلقي بها جانبا لتمسك بعدها سياج البالكونة الحديدي لتبدا بعدها بتوزيع نظراتها الحالمة بعدالة مرة للسماء ونجومها ومرة للارض وهمومها . وليت عين دنيا تسقط في إحدى النظرات على موعود الهم الوحيد والاكبر في هذا القصر الذي يبدو وكانه خال من الهموم تماما . ولكن هذا لم يحدث . لاننا في لحظات النشوة والفرح قد تتسع حدقات عيوننا وننظر للاشياء من حولنا ولكن دون ان نراها . لا لعيب في ابصارنا ولكن من احدث تلك النشوة في عيوننا يمنعنا من رؤية غيرها .
تعود من اسماها موعود ب ( دنيا ) الى سريرها الذي لايراه ليبدا بعدها هذا الحالم الصغير في الابحار بمحيط عالمه الكبير .
إنه لمن القسوة فعلا على نفسك أن تتمنى شيئا لاتملكه او ليس لك الحق في امتلاكه حتى في احلامك . إنه القانون الاول المقيت في هذه الدنيا .
إذن لماذا تتعكز نفوسنا على عصا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق