الأحد، 24 يناير 2021

هاجس ‏قلمي ‏بقلم ‏عمر ‏عبود ‏

هاجس قلمي
هل الأديب إنسان سوي .. أم هو مريض نفسي .. أم هو إنسان غير الآخرين .. يرى بمنظار عينيه .. يحلم كثيرا .. له عوالم خاصة .. يصنع متعته الفريدة من ذاته .. يحاول أن يعمم عالمه .. ويحاول الآخرون إخراجه من هذا العالم .. لا يعلمون أنهم يخرجون سمكة من محيطها الدافئ .. حقيقة هذا أمر يصعب على التحديد كما يصعب على التأطير .. ذلك الشيء الذي يتملك إنسانا دون غيره .. يجعله يدور في آفاق خاصة وشاسعة لا تنتظر حدا ولا ترقب إناخة .. العالم كله يتسع ويضيق في لحظة بين الخيال والواقع .. إحداثيات تتهيأ ومقاييس غير مدروسة سابقا تهبط فجأة وتتحول من خرائط حسية إلى لوحات ملموسة .. أول ما تغازل الفكرة خاطرة مبدعها .. تظل فترات طويلة خاضعة للمعالجة والاختمار قبل أن تصبح فكرة جاهزة .. ثم تأخذ وقتا آخر للتمحيص والتدقيق .. ومن ثم تخرج للواقع في صورة تنتظر التجسيد .. لكنها حينذاك لم تأخذ معطيات الواقع بعين الاعتبار .. إذ أن العوالم التي نضجت فيها ليست مثل هذا المعاش ... إنها نشأت في محيط يكتظ بالخيالات والأحاسيس ذات النبرة الخاصة بلحظتها .. ومن الصعوبة بمكان استحضار مثل تلك اللحظة عند محاولة التجسيد على أرض الواقع .. المحيط الذي يعايشه صاحبه .. هنا تبدأ حكاية جديدة ومرحلة أخرى تأخذ دورها .. قد تجعل الأمور تعود من حيث كانت البداية .. وما أحلى العودة للبدايات .. انطلاقة أخرى لبراحات غير محددة المعالم .. رحلة لا تخلو من المغامرة .. الخيال لا يبارح الفكرة رغم رفض الواقع لها واشتراطه التقيد ببعض الحدود .. لكن ما من مجيب .. عودة أخرى وشطحات جديدة ترغم الواقع على قبولها كما هي .. وهنا يكون الولوج لمحــطة تالــية .. المتلقي .. من يصــدر ردود الــفــعل حول العمل الذي يطفو على الساحة ويخطف الأضواء نحوه .. ذاك معجب وآخر منتقد وثالث متحفظ .. وتنطلق هذه الآراء من معاقلها لترسم حكايات أخرى حول العمل .. هذه في شكل قراءة .. أخــرى تلتزم جانب العرض دون التطرق للأمور الفــنــيــة .. وأخـــرى يستل فيــها صاحبها مشارطه النقــدية ليباشر عملية التشريح .. هذه العملية وحدها يمكن أن تشكل حكاية تجـــر وراءها حكايات .. ولا تتوقف المسألة حتى تكون فكرة أخرى قد نضجت وصارت جاهزة لخوض الغمار لتسحب البساط من تحت الأولى .. وهلم جرا .. هذه عوالم يعشيها صاحب القلم وسط محيطه الذي اختاره بمنأى عما يدور حوله .. أما من يراقب عن بعد فهو يشعر أن هذا الإنسان غريب الطباع ومن الأفضل تحاشيه حتى لا يقع في مطب الحوار معه .. وعلى هذا يكون ذاك المبدع محاصرا بصراعات أخرى إضافة لما يخوضه مع نفسه .. وبالتالي يزداد تقوقعا وانزواء وغموضا عند الآخرين .. ويكتفي بذلك مادام هذا الوضع مريح له ولهم.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
عمر عبود / ليبيا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لإبتعادي أسباب بقلم إسحاق قشاقش

(لإبتعادي أسباب) لقد ضاع عمري بالغياب وشاب رأسي وضاع مني الشباب وبت لا أعرف غدي من أمسي وترهلت على جسدي الثياب ولا أعرف كيف أُرسي وكم كنا من...