( يا لَيتَني ما مَرَرتُ بِها )
بَلدَةُُ بَينَ الجِبال ... بالجَمالِ تَرفُلُ
قَد مَرَرتُ صدفَةً بِقَلبِها وفِكريَ مُثقَلُ
فَشاقَني أن أنتَقي الأروَعَ من سِحرها ... وبِهِ أحفَلُ
رَيحانَها يَزدَهي في رَوضِهِ ... ويَطرَبُ البُلبُلُ
وعلى جَوانِبَ دَربها ... في نَضارَتِهِ يُذهِلُ
والزهور ... عَوالِمُُ كَم تَحتَفي البَلدَةُ بِعِطرها في الدَمِ يوغِلُ
والجِبال ... من فَوقِها بالوَقار ... تُكَلٌَلُ
وإلى اليَمينِ ... بَيتُُ لَها بالرَوعَةِ يَرفُلُ
ومنَ الشُرفَةِ أشرَقَ وَجهَها كَأنٌَهُ القَمَرُ
هالَةُُ منَ الضِياء ... تَغمُرُ جِسمَها بالرَوعَةِ يُبهِرُ
نادَيتها ... ياغادَتي ... أنا غَريبُُ في الدِيار أخطُرُ
وأرغَبُ أن أهتَدي لِخارِجِ سورِها ذلِكَ المُقفَلُ
تَبَسٌَمٌَت ... وأومَأت لي بالدُخول لِبَيتِها فَلِمَ لا أدخُلُ ؟
فَتَحَت بابَها ... يا لَهُ حسنها ... ذاكَ الجَمالُ يُذهِلُ
ما عَسايَ أن أقول ؟ والشَذا من حَولِها ... وعِطرهُ القُرُنفُلُ
وأردَفَت ... إنٌَني أرمَلَة ... والوِحدَةُ تَقتُلُ
قُلتُ في خاطِري ... كُلٌُ هذا الجَمال ... ولَيسَ مَن يَصِلُ ؟
فَجَهَرتُ بالسُؤال ... وكَيفَ لا أسألُ ؟
مَن يَعتَني بالجَمال ... أم أنٌَهُ مُهمَلُ
قالَت وهَل تَرغَبُ بالحِوار ؟ ... أم أنٌَكَ راحِلُ ؟
إنٌِي أراكَ فارِساً في طَبعِهِ يُجامِلُ
قَد شاقَني قَولَها ... وها أنا مِن عِطرِها أثمَلُ
فإلتَزَمتُ السُكوت ... وإبتَدأ ما بَينَنا التَحاورُ
أسمَعُ لَغوَها ... ما هَمٌَني سِرٌَها ... بَل صَوتها الآسِرُ
وإنقَضى ذاكَ النَهار ... ولَم أزَل داخِلَ الأسوار
أمضَيتُ لَيلي عِندَها ... يا وَيحَ قَلبي حينَما يَسهَرُ
وفي الصَباح ... تَغريدَةُُ لِلطُيورِ ...
وباقَةُ من وَردِها وبَسمَةُُ عَريضَةُُ ... والشَذا يُنثَرُ
هَمَسَت في جانِبي ... هَل فَهِمتَ قِصٌَتي وعَيشِيَ الكَدِرُ ؟
أجَبتها ... لَيسَ كَما يَنبَغي ... يُفيدني التَكَرٌُرُ
شَرَعَت مُجَدٌَداً بالحِوار ... وإستَرسَلَت لي تَنظُرُ
يا وَيحَها تِلكُمُ الأسرار ... لَم تَنتَهِ ... بل إنتَهى ذاكَ النهار
ولَم أزَل داخِلَ الأسوار ... أرنو لَها لِسِرٌِها تُكَرٌِرُ
بقلمي
المحامي عبد الكريم الصوفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق