الثلاثاء، 25 مايو 2021

التواصل ‏بين ‏الأبناء ‏والآباء ‏بقلم ‏أمل ‏شيخموس ‏

عدم تصديق الآباء لأبنائهم من المشاكل التي يغرقُ بها المجتمع ، حيثُ حالة الفوضى واللامبالاة والحس المتضائل لبعض أولياء الأمور أمام مسؤوليتهم تجاه الأسرة فمن الإنسانية والوعي والفطرة أن ننصت بإهتمامٍ لما يقولهُ الطفل الذي ماهو إلا بذرة نحن نسقيها فتنبت وتكبُر ، إما على الثقة المتبادلة في الأسرة التي وهبوهُ إياها ، وإما على الزعزعة والألم النفسي الملازم لنوبات القلق المستمر والمستفز ، نبض مكلوم و نفس غير مطمئنة ، لأنه غير مستقر في الغالب في أعماقه فهو يعي جيداً أنهُ في الصغر لم يتم إستيعابهُ بتفاصيله الطفولية البحتة ، وفي غالب الأحيان يفقدُ شخصيتهُ الأصلية فيغدو بلا معالم تحدد وجودهُ وتميزهُ عن باقي الأفراد ، إذ يتطبعُ بشخصية من يمارسُ هذه الضغوط ويطالبهُ بهذا الدور الذي يجدهُ مناسباً ويتناغم مع تفكير من يقومون بهذه التربية الخانقة من خلال التلاعب ببرنامج النظام الداخلي للعقل الباطن وغمرهُ بمعتقداتهم التي هي بمنظورهم قمة الصح !! في  كثيرٍ من الأحيان نجدُ أنَّ هذا المخلوق الصغير نتيجة تلك الإرهاصات التي لا يمكنهُ إلا الإستسلام و الإمتثال لها يتخلى عن ميوله ورغباته وطريقة رؤيته للأمور ، ثمة حالات يسودهم الصمت !! كما إنهم لا يتحلون بالحيوية اللازمة لهذه المرحلة و التي هي من أبرز سماتها ، تجدُ البرود في العينين رغم اللمعة الفيزولوجية لطبيعة العين  . . عدم تصديق الآباء والمربيين لأبنائهم ينجمُ عنهُ كوارث عديدة بالأخص عدم تصديق الصغار اللذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم ومعرفة ما يجبُ عليهم القيام به إذ تعرضوا لأي حادثٍ كالتحرش والتنمر أو أمرٍ كان ، كأن يتوعدهم شخصٌ ما بالوعيد أو التعنيف الجسدي من خلال الضرب أو القتل مما يؤثر سلباً في أدمغتهم و مقاومتهم الداخلية ، بتزايد الإهمال و عدم التصديق ينهارُ الطفل ويدورُ في دوائر حلزونية مفرغة من التفكير المُرهِقْ الذي يشبهُ الدوامة أو المتاهة التي يضيعُ فيها تحت ضغوط تلك المخاوف وكثيراً ما يسقطُ ضحية للجاني و لأكثر من مرة ، والأمر الصادم الذي لا يخفى على أحد علاوةً على عدم تصديق عقولنا لهذه الممارسات والتي تعتبر شاذة في المجتمع إذ ثمة حالات إغتصاب والتي ينبغي تسليط الضوء عليها والتي لا تمثل المجتمع بأكمله بل " نسبة " ليس بمقدونا أن نحتمَ بعدم وجودها حيثُ يتعرضُ ضحايا " الإغتصاب " للظلم وقلة الإحترام للذات والتشتت . . إلى جانب شعورٍ إنتقاميٍّ يتنامى ويعظُمُ في باطنهم نتيجة ذاك الشعور القاسي المؤلم الذي أفقدهم الأمان وتعدى على أجسادهم والذي لم يكونوا على المستوى النفسي والبدني والعمري القوي على صد ذاك العدوان عن كيانهم ، و يتصاعدُ ذاك الصراع في ظل مربيين غير متفهمين ولا محتوين لتلك العقول والأرواح لأنهم لا يبالون بتلك القيم الروحية والعقلية ، الذين  في الغالب يربون الأجساد فقط !!!!!! حيثُ تكبرُ جمجمة الرأس ويتنامى الهيكل !!!!!! فيتراءى للعالم الخارجي النمو البيِّن والصحة الوفيرة لهذا الكائن من الناحية الظاهرية !!!!! أمام مرأى العيون رأس كبير وبدن متعافى لكن الحقائق المخيفة والمخفية التي تحدث ما وراء كواليس الجسد الداخلي !!! إنهيارات وصراعات كالنار تستشري في الهشيم بينما أولئك الأولياء أو المربين في تمام النوم أو في دور تنويم ذواتهم وغشها !!! ذلك التحرش أحياناً يكون من المحارم أيضاً !!!! والعياذ بالله وهلم جراً حفظ الله الإنسانية جميعاً من هذه التهكمات والسلوكيات البعيدة عن المنطق البشري . . وأخيراً ليسَ آخراً هؤلاء الأولياء سواءً كانوا آباء أو أمهات أو بحكم رعاية الأطفال اليتامى أياً كان موقعهم من الرعاية عليهم الإنصات إلى مايقولهُ بكامل الإحترام لعقله وفكره ، طرحهِ وإنسانيته وعدم التجبر والتكبر وتكذيب هؤلاء المستضعفين اللذين يحييون في كنفهم ، وإن تعمدنا إلى تحليل موقف هؤلاء الذين يمثلون فقط جزأ من المجتمع لوجدنا أنهم أيضاً لم يتلقوا الدعم الكافي في الطفولة . . و عندما وقعوا  تحت طائلة المسؤولية تَكَشَفَ أنَّهم ليسوا بذلك النضج الذي يخولهم لحماية من يعيشون في كنفهم ، عين الحقيقة أنهم لا يتحلون بالثقة والإتزان كما يقاسون من خللٍ نفسيٍّ بيِّن إذ لا يخولهم لإنشاء " أسرة "  سليمة متعافاة هي العصب والخلية الأولى والأساسية للمجتمعات والتي بدورها إما أن تُصَدِرَ الأمان والسلام أو المعضلات اللانهائية والتي غالباً ما يصعب السيطرة عليها لأنها أشبه بفوهة الجحيم التي تنفثُ المزيد من سواد الدخان الخانق للمحيط ، لنتأكد من هنا أنهُ ليس كل من يُقبِلُ على الزواج مؤهلاً لإنشاء أسرة وحمايتها كالنبتة الصغيرة " البذرة " رعايتها لتعلو وتنتج وتثمر المزيد من الأقمار والعلماء ، المبدعين والمخترعين . . 

الكاتبة والروائية
 أمل شيخموس // سوريا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

أين الطريق لقلبك بقلم إبراهيم علي حسن

أين الطريق لقلبك؟ بقلم / إبراهيم علي حسن * مصر * _______________ أليس هناك طريقٌ   يخترقُ جليدَ شراييني يصلني إلى قلبكِ   في دفءٍ يحتوييني؟ ...