كلنا يعلم أننا ولدنا لنموت، وبين الولادة والممات حياة جد قصيرة وإن طالت تخط لنا سطورها مسارنا الأبدي يوم الحساب جراء ما اقترفناه من أقوال وأفعال. لكننا في الحقيقة نعمل جانبا رئيسيا من مراحل مرورنا هذا، فنحن نتحدث عن الولادة وعن الحياة والموت ويوم الحشر والجنة والنار، وننسى مرحلة مهمة وهي بين الموت ويوم الحشر، أو ما قال عنها الله في سورة المومنين 100 " ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون"، فما هو البرزخ وما هي الحياة البرزخية وهل تخص كل الناس؟
ففي الواقع، فإن هذه المرحلة فعلا موجودة كما اكدها القرآن وهي تخص جميع الناس دون استثناء، وهو ما يجرنا للبحث عن ماهية البرزخ لغة، فاصطلاحا.
أما لغة،فالبرزخ هو فترة زمنية ما بين شيئين، ومن هنا يقال للميت في قبره إنه في حياة البرزخ لأنه انتقل الى مرحلة ما بين الدنيا والآخرة. وبرازخ الايمان هي مرحلة بين الشك واليقين. وهي الحاجز بين الظل والشمس وتسمى هذه الفترة أيضا برزخا.
اما اصطلاحا فهي المرحلة الفاصلة بين حياتين، حياة الدنيا وحياة الآخرة، ولهذه الحياة عالم خاص مختلف عن الحياتين الاخريتين حيث يظل الميت هناك إلى أن ينفخ في الصور ويبعث من جديد ليوم الحشر الذي لا شك فيه.
ومن هنا، يحق لنا التساؤل عن كيفية عيش الميت حياة البرزخ؟
فهذه الفترة في الحقيقة هي من الأمور الخلافية التي ظهر فيها جدل كبير بين علماء المسلمين للجهل الحقيقي بحقيقة تلك الفترة بما انها من الأمور الغيبية التي لا يعلم طبيعتها إلا الله سبحانه وتعالى وهي سر من أسرار حياة الآخرة والمرحلة الأولى لها.
وقد جاءت بعض النصوص القرانية والأحاديث النبوية التي تشير لما يحصل للمرء في القبر بعد أن يدخل الحياة البرزخية، ومنها المرحلة الأولى وهي مرحلة سؤال الملكين حيث اتفق العلماء على أنها مشفوعة بمجموعة من الأسئلة المتعلقة بالله والرسول صلى الله عليه وسلم وعن دينه وغيرها، فيثبت الله لسان المؤمن "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة" ويعجز غير المؤمن عن الإجابة.
ثم تأتي مرحلة النعيم او العذاب "النار يعرضون عليها غدوا وعشيا". أما كيفية العذاب والجزاء وهل ستقع على الجسد والروح معا، ام على الجسد وحده لأن الروح قد انفصلت عنه وصعدت الي السماء، ام على الروح وحدها بما ان الجسد جثة هامدة حينها في انتظار يوم الخشر، فإنها أيضا أمور خلافية بين العلماء.
ويذكر في هذا الإطار، ان العلم الحديث أيضا اتفق مع القرآن في وجود الحياة البرزخية، غير انه اطلق عليها اسم " العالم الأثيري" وهو كما عرفه هذا العلم الحديث بالفراغ بين الأرض والسموات المحيطة بنا بما فيها الشمس والكواكب السيارة. وبعد اكتشافات عالم الذرة، أضيف إليه الفراغ الموجود في داخل جميع الأجساد الصلبة وداخل الذرة نفسها اي بين "البروتون" و "الالكترون" ،فالارواح تعيش حرة طليقة في هذه الفراغات لا يمنعها اي حاجز عادي وتستطيع ان تنفذ من داخل فراغات الذرة ولو كانت خائطا من الصلب.
فيا رب كن معنا وثبتنا وقت السؤال وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
-----------------------------------------------------------------------------
البرزخ
بقلم : ماهر اللطيف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق