(لا يبهرني لقب الطبيب)
كنت أنتظر الحافلة والتي ساستقلها من العاصمة إلى مدينتي نظراً لظروف عملي؛ كانت مدينتي تبعد عن العاصمة ما يقارب المئتي كيلو متر؛ ونظراً لتعدد حوداث القطارات أقلعت عن استخدامها لإنها لم تعد آمنة؛ كنت أتصبب عرقاً وأنا أجاهد نفسي ألا اكيل اللعنات لأي شئ يصادف ويقضي على ما تبقى من بعض حبات الصبر القليلة التي لديَّ؛ فقد كنت أجلب معي وقبل نزولي من منزلي الكثير من الصبر وذلك بقراءة ما تيسر من القرآن الكريم وبعض الأحاديث والتي تحض على الصبر والحلم ورغم ذلك كنت افقدها جميعاً قبل أن ينتصف يومي؛ فوجدت انه لن يكفي صبري مع صبر سيدنا أيوب عليه السلام إلا بطريقة واحدة وليست إثنتين ولم أكتشف هذه الطريقة إلا بعد تعرضي لبعض المشاكل والمشادات السخيفة؛ وهي أن اقلص تعاملاتي بقدر المستطاع حينها فقط كنت بالكاد اكمل يومي رغم الكثير من الصبر والإعتذارات والتي ليس لها إلا مبرراً واحد وهو أن أتعايش في سلام ما أَمكن؛ المهم جاءت الحافلة وكان رقم التذكرة يشير إلا أنني سأجلس في المؤخرة؛ كنت احمل جريدة لا لقراءتها لانني كنت أعلم أن كل ما بها هو كذب؛ بل لكتابة بعض الخواطر على صفحاتها والإشارة إلى بعض المقالات بدون أن أقرأها فقد قرأت قبل ذلك الكثير من كذبهم وتضليل شعوبهم واذكر أن أحدهم ويدعى محفوظ عجب كتب مقالاً عن أن سيادته حضر الإحتفال بين أبنائه والذين هم وكل الحضور كانوا يحتفون به ويبدو انه لم يتمكن من حجز المقال قبل الطباعة لأن سيادته كان في ذمة الله من ساعات؛ الَمهم كنت اكتب تحت أي مقال ما يناسبه كعبارة كاذب؛ مخادع؛ آفاق ٠ ٠إلخ كما كنت اكتب بعض الخواطر والتي تردني خلال رحلة السفر في الأماكن الخالية من صفحات الجريدة؛ تنبهت من خلال حديثهما من يجلسا بجواري بان أحدهما طبيبا ولكن ليس بمجال الطب المعتاد سواءاً بشرياً أو بيطرياً وأن الظروف هي من تسببت في أن يستقلان الحافلة بدلاً من سيارة الطبيب؛ الَمهم لاحت لي في هذه اللحظة خاطرة وانا من إحدى عاداتي السخيفة أن أقولها وانا اكتبها بصوت مرتفع؛ وكانت الخاطرة تقول "والله ما رأيت أحداً مثل العرب فهم يمارسون البغضاء بكل صدق ويمارسون الحب بكل كذب؛ فرايت الطبيب قد إنبرى وكأنه يحذث صديقه قائلاً " دائماً التعميم يوقعنا في الخطأ" كان من عاداتي أيضاِ ان لا أنبهر بلقب طبيب خاصة وأن ترتيب بلادي يأتي في ذيل قائمة الدول من حيث جودة التعليم؛ فوجدت نفسي اجيبه وكأنني أقرأ مقالاً في الجريدة اعلم انه دائماً هناك أستثناء ولكن بماذا تخبرنا القاعدة؛ هل لك أن تخبرني كم دولة عربية يتم تداول السلطة بها بشكل سلمي وديمقراطي حضاري؟! وكم دولة تحترم الدستور والقانون وكم عدد اللصوص في العالم وكم عدد اللصوص في بلادنا و ٠٠ و٠٠ إلخ رمقت الطبيب بطرف عيني فوجدته صامتاً وكأنه يترفع عن الرد علي أسئلتي ولكنني كنت اعلم بأنه لا يمتلك الإجابة وانا لم أكن انتظر الإجابة لأنني نهضت واقفاً فقد توقفت الحافلة وكانت محطتي التي سأنزل بها؛
قصة قصيرة بقلم القاص والشاعر رشاد على محمود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق