قصة قصيرة
( السيارة الجاكوار )
كانت المؤسسة والتى كنت أعمل بها تعاني من الفساد فهناك مثلا السرقة المقننة وهذه أحد الفروع المهمة في الفساد فهم أفرع كُثر وخاصة في بلاد العرب؛ فهم أكثر من يتفتق زهنهم في السرقة المقننة وفي الخداع مثل بيع الحافلات علي أنها خردة والمدهش والعجيب أنها تباع لمؤسسات اكثر عراقة واكثر ثراءاً ، فقد كنا نراها تدخل في (دولاب العمل) كما يقولون ومباشرة أي في آلة نقل العمال مع حذف اسم مؤسستنا ثم بعد ذلك تأخذ اللون الخاص بالمؤسسة التي إبتاعتها ، المهم ان المؤسسة توقفت عن العمل وكنا بالكاد نصرف راتب شهر كل شهرين اوثلاثه اشهر من صندوق التامينات الخاص بالإعانة بسبب التوقف نتيجة الكوارث أو الكساد وهو ما كان حال مؤسستنا المنكوبة باللصوص حالها حال مؤسسات في طول البلاد وعرضها بل ويضج بها العالم الثالث بأثره، وحتي هذا لم يكن بالشكل القانوني الطيب لانه يعتمد علي مدى قدرة اللجنة النقابية ومدى علاقتهم بالمسئولين لإنه لم يكن هناك عمل مؤسسي بالشكل الصحيح وهذا حال البلاد ذات السلطة المركزية (السلطوية) والتي تدعي انها تعمل بالقوانين واللوائح وماهي إلا مسميات علي الورق ، وكنت قد إدخرت مبلغاً من المال بالإضافة لمبلغ معقول كنت قد حصلت عليه من ميراثى لأبي فقررت ان انشأ حانوتاً لبيع الاحذية، وكنت قد انتهيت بالأمس من إتمام التجهيزات الخاصة به من أرفف وإضاءة وخلافه بعد حصولي عليه ، لم تكن محطة القطار تبعد كثيراً وماهي الا دقائق وجائني صوت النفير معلنا وصوله ، دلفت الى داخل القطار ووجدت أحد المقاعد الخالية
بجوار احدهم وبعد ان القيت عليه السلام وقبل ان نغادر حدود مدينتي والتي كانت إحدى المدن والتى إشتهر أهلها بمحاربتهم لفساد الدولة بشكل عام. أصبح كل منا صديقاً للأخر وقبل وصولنا الى العاصمة والتي هو ينتمي إليها قرر ان يأخذني اولاً الي بيته لنستريح قليلا ونتناول طعام الغداء وطمأنني انه سوف ياتي إلى منزلي قريبا ايضا لانه تربطه بمدينتي بعض الاعمال والصداقات ، كما طمانني أيضا بما هو اهم وهو مجموعة من ورش الأحذية الأنيقة ذات الاسعار المعقولة فقد كان أن حظى بمعرفة صاحبها بل وانه يحمل رقم هاتفه بعد ان عرفه عليه احد اصدقاءه المقربين والذي هو من العاصمة ذاتها، ثم فغر فاه مبتسما إبتسامة عريضة وجميلة واردف قائلا فكما تعلم أن أصدقائك ثلاث صديقك وصديق صديقك وعدو عدوك واعداءك ايضا ثلاث هم عدوك وصديق عدوك وعدو صديقك . وبالفعل بعد ان انتهينا من تناول طعام الغداء . انطلقنا إلى صديق صديقة والذي أخبره بانه موجود، كان شخص ظريف ومتحدث لبق وتبدو على ملامحه مظاهر الثراء لم يستمر نقاشنا طويلاً إلا وقد كان أن اقنعني بالعديد من الأشكال والأنواع و(الفرم) الجيدة وهي كانت كذلك؛بالفعل؛ ودعت صديقي الجديد الجميل كما ودعت صديقه الأجمل؛ وكان الإفتتاح قد تم على أتم ما يكون وكنت قد أتيت بمساعد لى ، ولم يمر علي هذه الاحداث أكثر من اسبوع وكان لديِّ منزل متواضع وفي خلفه حديقة صغيرة كنت قد انشأتها بمفردى وجعلت عليها بابا في خلف المنزل والذي أمامه مسجد ما أن اعبر الحديقة إلا واجد نفسي في صحن المسجد ، وفي هذا اليوم صحوت متاخراً قليلاً واخبرتني زوجتي ان أسرع لان الركعة الثالتة اوشكت علي الإنتهاء وبالفعل توضأت سريعا ودلفت الي صحن المسجد فانتبهت لوجود سيارة جاكوار تقف بجوار السور وما أن التفت إلي يميني وجدت رجل يحمل حقيبة كبيرة ، وسقط منها فردتي حذاء ، ففهمت سريعاً بأنه لص الأحذية والذي كنا نعاني منه فقد كان لا تمر بضعة شهور حتى تحدث سرقة لكل من في المسجد تقريبا؛ ويبدو أنه كان لص محترف كان لا يأتي إلا في وقت الصلاة وكان المسجد يقع في الطرف من المدينة وليست بجواره مباني كثيرة بل أنها كانت تبعد مسافة ليست بالقليلة ويستطيع من يقف على باب المسجد ان يكتشف الطريق وهل يوجد به احد من المارة أم لا فقد كان ما يربط المسجد وبقية مباني المدينة هو طريق فرعي صغير؛ المهم أقتربت سريعا منه ويدىِّ ممسكتان به بعنف وانا أصرخ أيها اللص أيها اللص؛ تجمع حولى المصلون الذين استطاعوا العدو بدون احذيتهم، فقد كانوا قد إنتهوا للتو من أداء صلاتهم وقعت عينيًّ علي وجه الرجل ، فكدت أصاب بالصاعقة؛ ياللهول هل هذا معقول سألت نفسي متعجباً؟! انه هو صاحب الورش صديق صديقي صاحب رحلة القطار؛ لقد ذهب عقلي سريعاً إلى القاهرة ويحاول ان يستجمع نفسه؛ يا ألله تمنيت للحظة أن يكون هذ الذي يحدث ليس أكثر من مجرد كابوس وأنني لم أصحو حتى الآن؛ وتعالت الأصوات معلنة الارآء وكل يدلي بدلوه وهذه إحدى مصائبنا التي اورثتنا التخلف فنحن لا نفرق بين الوقت والفعل؛ أعني أننا لا نختار العمل المناسب للوقت المناسب (فالأمر لا يحتمل كل هذه الاراء وكل هذا النقاش) التي كادت تصم أذنيَّ وتعصف عصفاً بعقلي والذي يحاول أن يلملم شتات نفسه ويستجمع تفكيره؛ وكنت قد رفعت يديًّ عنه وانا إلى الآن فاغرا فاه ٠ فمنهم من كان يقول نأخذ السيارة ومنهم من يقول نسلمه للشرطة ٠ ٠ ٠ و ٠ ٠إلخ و كنت قد أستفقت بعض الشئ علي صوت الرجل معلنا عرضه ٠ والذي كان متمثلاً في ان لديه بالسيارة بضعة الاف من الجنيهات سياتيهم بها فوجدت اكثر الاشخاص المؤثرين من حيث الصوت العالي راقت لهم الفكرة معلنون إستكمال إصلاحات المسجد وماهي إلا ثواني ودلف الرجل إلى سيارته وكنت في هذه اللحظة قد لاحظت وجود سائل كثيف اللون يغطى أرقام الجاكوار ولا تظهر منها الأرقام وما هي إلا ثواني وكان الرجل منطلقاً بسيارته فقد كان تركها تعمل ٠٠٠٠
قصة قصيرة
بقلم القاص والشاعر رشاد على محمود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق