الأحد، 10 أكتوبر 2021

ابنة ‏الشمس ص35 ‏و 36 بقلم ‏أمل ‏شيخموس ‏

أحزاني ، لكن ذكراها لم تكن تبغي الإنتزاع من ذاتي ومفارقة ذهني ، حيث شعرت بانقباضٍ شديدٍ وكأنَّ صخرةً ضخمةً تجثمُ على صدري وتكتمُ نفسي ، حتى بدا لي أن كل شيءٍ قد تجهم أمامي ، فحموضة المعاناة أطبقت أجفانها على آمالي اليتيمة . لقد بدأت أيامي العسيرة  في هذا البيت مع زوجة أبي والحياةُ معها رحلةُ عذابٍ شاقة ، لكني سرعان ما استشعرتُ بتوغل الأحزان أكثر فأكثر لتحتسيني وتشعرني بالموت المحتم ، فغدوتُ أُروِّحُ عن نفسي قليلاً كي لا يمتصني الألمُ أكثر ، فالحياةُ ماتزالُ خليقةً أن نبتسم لها كي تثمر لنا بضوء الأمل وقليلاً قليلاً أخذت قطراتُ التفاؤل تتسربُ إلى صدري ، وراحت السعادة تنقر أبوابي برفق لتجري مع دمي المسترخي لهذا الهدوء اللذيذ الذي يدندن في عروقي فبدأت أزقزقُ كالعصافير في أرجاء المنزل ضاحكةً في وجه الحياة ضحكاتٍ ترعبُ الكثيرين ممن حولي ومن بينهم
 " ليمونة " ، تلك المرأة التي كلما مرت الأيام فاجأتني بسمةٍ جديدةٍ لم أكن أعرفها فيها من قبل . عيناها البنيتان الضيقتان ينبعثُ المكرُ منهما إلى جانب مسحةٍ باهرةٍ 

الصفحة - 35 - 
رواية ابنة الشمس*
الروائية أمل شيخموس 

مرتسمةٍ في ملامحها،  متعصبةٌ لرأيها ودائماً ما تعتبرُ نفسها أذكى من الجميع ، إذا تكلمت حركت يديها وكل تقاسيم محياها بخفةٍ وغنجٍ شديدين ، وجلُّ أحاديثها الإستهزاء بالناس والسخرية والتشفي منهم متظاهرةً بالطيبة ، عين الحقيقة إنها امرأةٌ خبيثةٌ بكل ما تحتويه الكلمةُ من فحوىً للخبث ، لديها أسلوب بارعٌ في استغلال الغير وإقناعهم بوجهة نظرها ، نصائحها مفبركةٌ لصالح نزوعها وكأنها تسحرهم وتشدهم كي يتبعوها و أولهم والدي الذي يحبها حباً جماً لا يوصف . 
مرَّ الشتاء مولياً الأدبار وانبثق الربيعُ فواحاً منشرح الأسارير ، بعد أن خاض البرد القارسُ معركةً عنيفةً مع المخاض حتى تمخض بإنجاب لوحةٍ ربيعيةٍ نابضة الألوان متفتحة الأحلام .
أستأنفُ بدموعي المتسائلة وسط النيران المندلعة إثر هذا النبأ الذي سيَّرَ القشعريرة ببدني إني لا أصدق أن جدتي قد أعياها لسعُ السِّقام ليتني وريتُ في التراب قبل أن أسمع زوجة أبي تهددهُ بأنها لن تؤوي العجوز في منزلها كما تزعم يا إلهي أهي محقةٌ فيما توجههُ 

الصفحة  - 36 -
رواية ابنة الشمس*
الروائية أمل شيخموس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ملكة الياسمين بقلم فاطمة حرفوش

" ملكة الياسمين" دمشقُ يادرةَ الشرقِ وعطرَ الزمانِ  ياإسطورةَ الحبِ ورمزَ العنفوانِ لا عتباً عليك حبيبتي إن غدرَ بك الطغاةُ وأوصدو...