الثلاثاء، 12 أكتوبر 2021

ص 37 و 38 من رواية إبنة الشمس بقلم أمل شيخموس

 إزاءنا ؟! فالمنزلُ فعلاً سُجِّل بإسمها بالختل و . . رحتُ أتلمسُ عطفها بلوعةٍ فجدتي طاعنةُ السن وحيدةٌ في بيتٍ لا أفئدةٌ تحومُ حولها وبمزيدٍ من الإختناق سالت عبراتي ساخنةً قويةً عند التقائها بشبح والدي العائد من العمل ، فغدوتُ ملتهبةً بنبرةٍ خارجة عن كبتها . . إنَّها عواطفٌ جياشةٌ نابعةٌ من سماء القلب الصافي المفعم بحب الجدة رددتُ صوتي المرتجف لاهثةً أمام والدي المتحجر : 

ألا تتذكر قبل عدة سنواتٍ عندما لزمت الفراش كيف أنَّها عجلت للإطمئنان على صحتك ، وأنها كانت ترفع كفيها بالدعاء ليل نهار . . تذكر كيف أن يديها كانتا تحتضنان كيفكَ بشدةٍ الذي أعيهِ إننا أرغمنا على الإبتعاد عنها ، ولم أتخيل نفسي يوماً في هذا الموقف القاسي . إن لم تحووها فسأحويها بقلبي ورموشي . . احمرت عينا والدي واستشعرتُ أنهما ستغيمان بمشاعر الرحمة والشوق للأم ، بيد أنهُ قمعني عند احتدام لهجة زوجته حيال الموقف الذي جررتُ به عطفهُ من مكمنه الدفين . منذ ذلك الوقت وليمونة تتوجس في دخيلتها متخذةً موقفاً أشد 


الصفحة  - 37 -

رواية ابنة الشمس*

الروائية أمل شيخموس 


فعالية تجاهي.  هرولتُ محتضنةً أخواتي اللاتي لم يكن احساسهنَّ يقلُّ عن شعوري بالمأساة الأليمة ، الجدةُ سقيمةٌ . ويبدو أني سأبقى ابنة المعاناة ليتَ قلبي تحول إلى حجرٍ مع تبدل وضعي ، انتابني شعورٌ بأنَّ أمي موجودةٌ في مكانٍ ما وسألتقيها يوماً . وأعتقدُ أنَّ ليمونة قد أقسمت أن تسوِّد حياتي وأنها قرأت الآيات الساحرة على والدي طيلة الليل ، لكني بوغتُ في الصباح الباكر بأنَّ والدي لايزالُ عندهُ رصيدٌ لمقاومة تأثير زوجته ، عندما صرخ ينهرها :

-  لا أستطيعُ تخدير ضميري . 

كان يوماً لن أنسى فيه غليانها وتطاير الشرر من عينيها الضيقتين اللتين كادتا تقفزان لقتلي . نعم لقد نُكس كلامها و لأول مرةٍ في هذا البيت وبتحريضٍ مني كما زعمت ، نشبت معاركٌ ضاريةٌ حتى تحول المنزلُ إلى حلبةٍ شائكةٍ بالنسبةِ إليها رغم ذلك كنتُ وأخواتي نزقزقُ متدفئات بحب جدتنا وحرارة قبلاتها الصادقة متحديةً السِّقام بحرارة أنفاسنا . نعم رغم حدةِ العراك نتلذذُ بعطفها الذي أنار نفوسنا بشعاعهِ الذي كاد يطيح بزوجة أبي . أخذت 


الصفحة - 38 - 

رواية ابنة الشمس*

الروائية أمل شيخموس



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ملكة الياسمين بقلم فاطمة حرفوش

" ملكة الياسمين" دمشقُ يادرةَ الشرقِ وعطرَ الزمانِ  ياإسطورةَ الحبِ ورمزَ العنفوانِ لا عتباً عليك حبيبتي إن غدرَ بك الطغاةُ وأوصدو...