#برالوالدين_عليك_دين
كان هناك شاب يذهب كل صباح الى القرية المجاورة لمزاولة عمله في دكانه الصغير الذي هو مصدر رزقه ورزق اولاده، في سوق تلك القرية الذي كان مركز تجمُع كل القرى يأتون لشراء حاجاتهم من ذلك السوق، وبعد انتهاء حركة السوق يغلق دكانه ثم يعود الى منزله في وقت مُتأخر من الليل، وكان في طريقه يمر على مكان مهجور يفصل القريتين عن بعضها، وكان نادراً مايجد سيارة تقله الى قريته. وفي ذات ليله لم يجد سيارة عابرة من ذلك الطريق فأخذ يمشي على الاقدام، حتى وصل ذلك المكان المهجور. اذ قطع سيره صوت هنهنة وقف كي يتأكد فاذا هو يسمع ذلك الصوت بوضوح والغريب ان مصدر الصوت بجانب صخره كبيرةٍ هناك، دخلهُ الرعُب لعله يكون شيطان ، ولكنهُ تمالك نفسه واستجمع كل قوته وتقدم نحو الصوت ورِجلاه ثقيلتان من الخوف ، واذا به يجد رجل كبير السن ومقعد لايستطيع القيام، جلس بجانبه ويسأله من انت وماذا تفعل هنا.؟
الا ان الشايب لم يجب على السؤال سوى انصرف يا ولدي ليس من شأنك، وما كان من الشاب الا ان قرر ان ياخذهُ الى المكان الذي هو سائر اليه، رفض الشايب القيام معه وكان كلامه انصرف لاشأن لك. انصرف الشاب وكل تفكيرهُ من يكون هذا الرجل وكيف استطاع الوصول الى هنا وهو بهذه الحالة لايستطيع تمالك نفسه ليقف،
وصل الشاب منزله وكل تفكيرهُ حول ذلك الشايب وكان شارد الذهن، قدمت زوجته الطعام للعشاء ثم اكل بغير شهية كما كل ليلة لأن قصة الشايب تشغل عقله. وبعد انتها العشاء استأذن زوجته كي يعود الى مكان الشايب واخذ شي من الطعام الحاصل معه دون تكلُف تم انطلق الى هناك حتى وصل تلثم اي قام بربط شال على وجهه كي لايعرفه الشايب انه هو نفسه الذي كان عنده قبل قليل وقدم الطعام وقال كل أيها الرجل لعلك جائع، ثم تراجع قليلا لعله يتكلم بكلام يفهم من خلاله من يكون وأين يريد، ماكان من الشايب الا ان جمع الطعام بيديه المرتعشتان ورمى به نحو الشاب قائلاً خذ الطعام واذهب به الى زوجتك لعلها تكون بحاجةً اليه انا لاحاجة لي بطعامكم ظنا منه ان من اتى بالطعام هو ولده،
زادت الدهشة والحيرة في الشاب وزاد فضوله اكثر يريد ان يعرف ماذا يقصد الشايب بكلامه. ودارت في عقله عدة اسئلة
هل يقصدني أنا وهل عرفني وانا ملثم إن كان لم يعرفني اذاً من يقصد؟
وزاد فضوله أكثر وأراد أن يسأله من تقصد أيها الرجل ولكن تمالك نفسه وقال أجلس هنا وأراقب لعلَ أحد يأتي إليه، واذا بسيارة جائت من ناحية السوق وما إن وصلت إلى جواره وقفت السيارة ونزل منها اثنان يبدو عليهما الثراء وفي وجوههم الخير، جلس كلاً منهم في ناحيه من الشايب يسألونه من أنت وماذا تفعل هنا ومن أتى بك وأنت بهذه الحالة ، والشايب يجيب عليهم بكلمةً واحده لاشي اتركوني وشأني واذا بهم يمسكون به بيديه ويجرونه نحو السيارة ثم اصطحبوه معهما في السيارة لاستكمال الطريق ومعرفةالى اين يريد الشايب سيوصلونه الى حيث يريد، خرج الشاب من مكانه وأوقف السيارة واستئذنهم بالركوب معهم الى قريته فاذنا له بالركوب معهم وكل ما في الامر كان هو الاخر يريد معرفة قصة الشايب دار حديث بين اصحاب السيارة والشايب والشايب مُصر ان لايخبرهم بمكانه اذ اقسم عليه السائق ان يكلمهم وله مايريد اخبرهم بقصته ومكان منزله.
اذا بسائق يغير مسار السيارة متجهاً نحو منزل ذلك الشايب لعلهُ يؤثر على ولد الشايب بابقاء والده في البيت وهو سيتكفل بكل حاجاته، وما إن وصلوا الى المنزل نزل السائق ودق الباب خرج الولد ونظر الى أبيه فتغير لون وجهه .ثم سألهُ السائق هذا ابوك ولماذ رميت به هناك. وأنت تعرف ان ذلك المكان تسكنه الوحوش، وماكان من الولد الا ان انكر بتاتا انه والده وانه لم يعرفه اصلا مع اصرار الشايب انه والده وهذا منزله والولد ينكر انكارا قطعياً صلته بهذا الشايب الخرف. عاد السائق الى سيارته والشايب معه ذلك الشاب وعادوا نحو قريتهم مصطحبين الشايب معم، ثم دار بين السائق وصاحبه وذلك الشاب حديث حول من سيطرحه عنه ويقوم برعايته. صاح الشاب انا من يتكفل برعايته والسائق ايضا اجزم بانه سيقوم برعايته هو انه هو من له الحق برعايته كونه صاحب بيت كبير وهو من اخذه من البدايه وصاحب السائق يقول انا من اشرت عليك باخذه اذاً انا ساقوم برعايته، المهم بعد شجار بينهم والشايب ساكت لم
يتكلم مكسور الفؤاد. قرروا عمل قُرعة بينهم الثلاثة من سيتولى رعاية الشايب، وكانت القرعة من نصيب السائق فاخذه الى بيته وخصص له غرفه وخصص له واحدٌ من اولاده يقوم بتلبية حاجاته وكان ايضا هو عند فراغه يقوم بتعهده وتوفير له بعض حاجاته. حتى شائت الاقدار وتوفي ذلك الشايب، قام الرجل بالذهاب الى منزل الشايب لابلاغ ولده لعلهُ يأتي لزيارة والده وتفاجئ ان الولد مازال منكر ولم يذهب لزيارة والده. رجع السائق الى بيته لتجهيز مراسم الدفن ثم دفنهُ وقام بالواجب لاستقبال العزاء وبعد الانتهاء من مراسم العزاء قام الاولاد بتصفية الغرفه وترتيبها مرة ثانيه والغريب انهم وجدوا تحت الوسادة ورقة اخذها احدهم وركض نحو ابيه مناديا ياابي لقد رأينا هذه الورقة تحت وسادة الشايب الذي كان عندنا، اخذها والده وبدأ بالقراءة ثم انفجر باكيا. حتى انه لم يستطع اكمال القراءة
أتدرون ماذ كان مكتوب فيها، كان مكتوب:الى ولدي الذي انتظرته زمناً طويلا الى من احتضنته صبيا ليرمي بي كهلاً لا أستطيع الوقوف تدري ياولدي أنني يوم احتضنتك ووضعتك على راسي قد كنت لاتستطيع الوقوف، يامن اخذت بيدك كي تقوى على المسير كيف لك اليوم أن تتخلى عني يوم لا اقوى فيه على المسير ايضاً
يامن ضاقت بي الارض ولم تسعني من الفرح بقدومك كيف انت اليوم يضيق صدرك بوجودي بينكم ويوم عدت لك بفضل ذلك الرجل اسود وجهك وضاقت بك الارض خوفا ان اعود الى المنزل
ياولدي سيأتي يوما لن تراني فيه وسوف تندم وتتمنى لو انك وقفت بجانبي على قدميك طول حياتك ولكن اعلم ياولدي اني لن اخاصمك ولن ادعو الا بالهداية لك والرضا من الله
وختمها قائلا
أيها الرجل الذي رحم ضعفي وقلة حيلتي انت ملكً ارسلهُ الله الي لاكون معززا مكرما بفضل الله ثم بفضلك
اعلم انني لن أستطيع رد الجميل مهما فعلت لن اوفيك حقك وماذا عساي اصنع لك وانا بهذه الحالة ولكني سادعو الله لك ان يجازيك باولادك وان يجزيك الجنة وساقف بين يدي الله عزوجل. واشهد لك امام الله انك من اهل الجنة
ياولدي الذي لااعرفه الا من قريب اذا اخذا الله وداعته فلي طلبٌ عندك ان لا تدفنني الا بعد ابلاغ ولدي لعله قد لان قلبه وهدى الله زوجته ويأتون لزيارتي
وسلام على خير البشر
اخواني اصدقائي برو ابائكم تبركم اولادكم
واياكم ايثار الزوجة على الوالدين فانها سبب ادخالكم جنهم
ووالديكم هما بابان الى الجنه
واعلمو ان بر الوالدين عليك دين
اللهم عافي والدينا واعطيهم الصحه ومتعهم بابدانهم واجعل الجنة هي دارهم
اللهم ارحم من توارى تحت التراب وجنبهم ويلات العذاب وادخلهم الجنة دون حساب
القصة من تأليف
الكاتب/توفيق حسن سعيد المجعشي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق