أَنَا لَا أُحِبُّ مِنَ الأَنَامِ سِوَاكِ... (من غزَل الشّباب.)
أَنَــا لَا أُحِبُّ مِـنَ الأَنَامِ سِـوَاكِ.
وبِأَلْـفِ جِـرْسٍ أَسْتَجِيـرُ هَوَاكِ
بِمِدَادِ قَلْبِي فَوْقَ طَرْسِ هَنَاءَتِي
خَطَّ الهَوَى، فِي لَيْلَتِي، ذِكْرَاكِ
وحُشَاشَتِي، فِي دَاخِلَيَّ جَعَلْتُهَا
طَعْـمًا لِحُـبِّكِ، سَائِـغًا وجَـوَاكِ
وجَعَلْتُ سَيْلَ القَـافِـيَاتِ تَبَـرُّعًا
خَـمْرًا لِرُوحِكِ، فَاعْلَمِي، وبَهَاكِ
كَرِهَ الحَشَا لَمَّا اضْطُرِرْتِ لِتَرْكِنَا
يَوْمَ الوَدَاعِ، فَعَاجَ ، رَغْمِي البَاكِي
وبَدَا يُصَعِّدُ فِي الظَّلَامِ شَكَاتَهُ
لِـلـنَّـجْـمِ، إِذْ لَمْ يَفْـتَـقِدْ إِلَّاكِ
وأَقَامَ فِي قَفَصِ الضُّلُوعِ مَآتِـمًا
تَـرْثِي الوِصَالَ، ولَيْتَهُ يَنْسَاكِ.
فَالقُرْبُ مِنْكِ سَعَادَةٌ لَا تَنْتَهِي
وهَوَاكِ... رُوحِي فِدْيَةٌ لِهَوَاكِ...
فَهَـوَاكِ جَنَّـاتُ النَّعِيـمِ وفَيْـئِـهَا
هَاتِي يَدَيْكِ لَكَيْ أَذُوقَ جَزَاكِ
هَيَّا ارْفَعِينِي مِنْ أَدِيمِ تَحَسُّرِي
لِأَرَى حَنَانَكِ، عَجِّلِيي، رُحْمَاكِ
لَا تَتْـرُكِينِـي، إِنَّـنِـي مُتَحَدِّثٌ
بِـهَـوَاكِ لِلْأَطْيَارِ، لِلْأَفْـلَاكِ
لَا تَأْسِرِينِي فِي خِضَمِّ مَتَاهَتِي
بَلْ قَـرِّبِي مَغْنَايَ مِنْ مَغْنَاكِ
لَا تَقْطَعِي مِنِّي قُلَامَةَ خَاطِرِي
لَا تَـهْـجُـرِينِي، فَـالـفَـنَـا مَـنْآكِ
لَا تَسْأَلِينِي، إِنْ أَرَدْتِ تَثَـبُّتًا
وسَلِي عَلَى دَرْبِ الغَرَامِ سَنَاكِ
وسَلِي الرُّبَى والزَّهْرَ ثُمَّ تَصَفَّحِي
وَجْـهَ السَّمَاءِ بِـنَجْمِهَا الـمُتَبَاكِي
وسَلِي ضِيَاءَ البَدْرِ ثُـمَّ تَصَنَّتِي
لِـتَـرَى تَـصَـاوِيرًا بِـهَا عَيْـنَاكِ
وَلْتَقْرَئِي فِي وَجْهِهَا شَوْقًا بَدَا
مِنْ دَاخِلِي وَلْتُصْغِـهَا أُذُنَاكِ
وجَمِيعُهَا يَحْكِي إِلَيْكِ صَبَابَتِي
يَرْوِي وَفَائِي فِي الهَوَى وجَفَاكِ
بَلْ يَسْتَجِيرُكِ لِانْتِشَالِ تَصَبُّرِي
مِنْ قَـبْـضَةٍ لِلْيَـأْسِ والأَشْـوَاكِ
عُدْنَا وعَادَ الشَّوْقُ يَلْفَحُ مُهْجَتِي
وحُشَاشَتِي تَشْتَاقُ رِقَّ نَدَاكِ
وتَرَى الوِصَالَ إِلَى فُؤَادِي مِرْهَمًا
يَشْفِيهِ مِنْ دَاءِ الهَوَى وضَنَاكِ
هَذَا نِدَاءُ القَلْبِ دَوْمًا فَاعْلَمِي
كَمْ يَسْتَطِيبُ بِخَاطِرِي لُقْيَاكِ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق